التوسعة في النعمة. قوله: ﴿ولكم في الأرض مستقرٌ ومتاعٌ إلى حين﴾ [البقرة: ٣٦] تنبيهٌ على أن لكل إنسان من الدنيا تمتع مدةٍ معلومةٍ. قوله: ﴿إلا رحمةً منا ومتاعًا إلى حين﴾ [يس: ٤٤] أي لابد لهم من حينٍ يموتون فيه بعد إنجائنا إياهم من الغرق وتمتيعنا لهم في الدنيا بضروب النعم، وقد غرق بعضهم ثم نجا فهنئ بالسلامة، فأنشد [من الوافر]

١٥٠٠ - ولم أسلم لكي أبقى ولكن سلمت من الحمام إلى الحمام
والاستمتاع: طلب التمتع، ومنه قوله تعالى: ﴿ربنا استمتع بعضنا ببعضٍ﴾ [الأنعام: ١٢٨] وذلك لأن كلا من الجنسين قد سأل صاحبه التمتع فأعطاه ما سأله الجن سولت له أعمالًا فأطاعوهم فيها. وقيل: استمتاع الإنس بالجن: هو أن الرجل من الإنس كان إذا سافر فنزل واديًا وخاف من شره قال: أعوذ برئيس هذا الوادي. واستمتاع الجن بالإنس هو تعظيمهم إياهم حيث كانوا عندهم ممن يعاذ به ويلتجأ إليه. وقد أخبر الله تعالى بذلك حيث قال: ﴿وأنه كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجالٍ من الجن﴾ [الجن: ٦].
قوله: ﴿فاستمتعوا بخلاقهم﴾ [التوبة: ٦٩] أي انتفعوا بنصيبهم من الدنيا. وقال الفراء: رضوا به عن نصيبهم في الآخرة.
قوله: ﴿ابتغاء حليةٍ أو متاعٍ﴾ [الرعد: ١٧] أي مثل الحديد والنحاس والرصاص وسائر الجواهر المنطبعة لكثرة انتفاعهم بها سفرًا وحضرًا وطول بقائها. وفي الحديث: «حرم شجر المدينة ورخص في الهش ومتاع الناضح» أراد به أداة الرحل ونحوه التي تؤخذ من الشجر.
وقولهم: شرابٌ ماتعٌ قيل: معناه أحمر. والظاهر أن الحمرة ليست من خصوصية ذلك بل المراد بالماتع المائع وإنما ذكروا الحمرة لأنها في الغالب دالةٌ على جودته وقوة الانتفاع به وقالوا: حبلٌ ماتع أي قوي. وأنشد: [من الطويل]
١٥٠١ - وميزانه في سورة البر ماتع


الصفحة التالية
Icon