فنفى بـ «ليس» الأمرين جميعًا. وقال بعضهم: الكاف مزيدةٌ إذ لو لم يقل ذلك للزم ثبوت مثل لله تعالى إذ يصير التقدير: ليس مثل مثله شيءٌ، وهو محالٌ وقيل: المثل هنا بمعنى الصفة، ومعناه: ليس كصفته صفةٌ، تنبيهًا على أنه وإن وصف بكثيرٍ مما يوصف به البشر فليس تلك الصفات له على حسب ما يستعمل في البشر.
وقيل: المثل يجيء بمعنى الذات نحو قولهم: مثلك لا يفعل كذا. يريدون أنت لا تفعل كذا، وهو أبلغ منه، وأنشدوا: [من الطويل]
١٥٠٧ - على مثل ليلى يقتل المرء نفسه | وإن بات من ليلى على الناس طاويا |
وقد منع الله من ضرب المثل له تعالى بقوله: ﴿فلا تضربوا لله الأمثال﴾ [النحل: ٧٤] وقد نبه أنه يضرب لنفسه المثل، ولا يجوز أن نقتدي به في ذلك، فقال تعالى: ﴿إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ [النحل: ٧٤] ثم ضرب لنفسه مثلًا فقال: ﴿ضرب الله مثلًا عبدًا مملوكًا﴾ [النحل: ٧٥] الآية. قال بعضهم: وفيه تنبيهٌ أنه لا يجوز أن نصفه بصفةٍ مما يوصف به البشر إلا ما وصف به نفسه.
قوله: ﴿للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى﴾ [النحل: ٦٠] أي لهم الصفات الذميمة وله تعالى الصفات العلى.
قوله تعالى: ﴿مثل الذين حملوا التوراة﴾ [الجمعة ٥] الآية. أي هم في جهلهم بمضمون حقائق معاني التوراة كالحمار في جهله مما على ظهره من الأسفار. وقوله: ﴿فمثله كمثل الكلب﴾ [الأعراف: ١٧٦] منبهة في ملازمته عنه واتباعه هواه وقلة مزايلته له بالكلب الذي لا يزايل اللهث على جميع الأحوال، وقد تقدم شرحه. وقوله: ﴿مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا﴾ شبه من أتاه الله ضربًا من الهدى والمعونة فأضاعه ولم يتوصل به إلى ما رشح له من نعيم الأبد من استوقد نارًا في ظلمة. فلما أضاءت له ضيعها ونكس فعاد في ظلمته التي كان فيها.
قوله: ﴿ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق﴾ [البقرة: ١٧١] الآية. شبهوا