م ح ن:
قوله تعالى: ﴿فامتحنوهن﴾ [الممتحنة: ١٠] أي اختبروهن وجربوهن وابتلوهن. وقد تقدم الكلام في الابتلاء. وأصله من: امتحنت الذهب والفضة: إذا أذبتهما لتختبرهما أهما خالصان أم لا. قال أبو عبيدٍ في قوله تعالى: ﴿أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى﴾ أي صفاها وهذبها. وفي الحديث: «فذلك الشهيد الممتحن» قال شمرٌ: هو المصفى المهذب، وهذا بمعنى ما تقدم، فإن التصفية والتخليص من وادٍ واحدٍ.
م ح و:
قوله تعالى: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ [الرعد: ٣٩] أي يمحو ما يشاء مما يكتبه الحفظة ويثبت ما يشاء. وفي التفسير: إن الله ينظر كل يومٍ في اللوح المحفوظ سبعين نظرةً فيمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء. ومعنى ذلك أن الله تعالى أمر الملائكة بكتب أشياء فيأمرها بأن تجعل فلانًا الشقي سعيدًا وعكسه. وفلانًا الغني فقيرًا وعكسه، فتفعل ذلك. فالمحو والإثبات بالنسبة إلى علم الملائكة، وأما علمه تعالى فلا يتبدل ولا يتغير ولا يوجد في الوجود شيءٌ إلا على وقف علمه القديم، ولذلك عقبه بقوله: ﴿وعند أم الكتاب﴾ أي أصل ذلك الكتاب وهو علمه. وعبر في الحديث بقوله: «ينظر عن أمره بما يريد ولا ينظر على الحقيقة» وبالجملة: ﴿لا يسأل عما يفعل وهم يسألون﴾ [الأنبياء: ٢٣] وقيل: ينسخ من الأمر والنهي ويبقي ما يشاء.
وأصل المحور إزالة الأثر، ومنه قيل للشمال محوةٌ لأنها تمحو السحاب والأثر. وفي الحديث: «لي خمسة أسماء منها الماحي» لأنه يمحو الله به الكفر وآثاره، وقال بعضهم يخاطب النعمان بن بشير: [من الطويل]

١٥٠٩ - زيادتنا نعمان لا تمحونها تق الله فينا والكتاب الذي تتلو
يقال: محوت الكتاب محوًا ومحيته محيًا.


الصفحة التالية
Icon