٨٤ - واذكروا العهد المؤكد الَّذي أخذناه عليكم في التوراة من تحريم إراقة بعضكم دماء بعض، وتحريم إخراج بعضكم بعضًا من ديارهم، ثم اعترفتم بما أخذناه عليكم من عهد بذلك، وأنتم تشهدون على صحته.
٨٥ - ثم أنتم تخالفون هذا العهد؛ فيقتل بعضكم بعضًا، وتخرجون فريقًا منكم من ديارهم مستعينين عليهم بالأعداء ظلمًا وعدوانًا، وإذا جاؤوكم أسرى في أيدي الأعداء سعيتم في دفع الفدية لتخليصهم من أسرهم، مع أن إخراجهم من ديارهم محرَّم عليكم، فكيف تؤمنون ببعض ما في التوراة من وجوب فداء الأسرى، وتكفرون ببعض ما فيها من صيانة الدماء ومنع إخراج بعضكم بعضًا من ديارهم؟! فليس للذي يفعل ذلك منكم جزاء إلا الذل والمهانة في الحياة الدنيا، وأما في الآخرة فإنه يُرَدّ إلى أشد العذاب، وليس الله بغافل عما تعملون، بل هو مطلع عليه، وسيجازيكم به.
٨٦ - أولئك الذين استبدلوا الحياة الدنيا بالآخرة، إيثارًا للفاني على الباقي، فلا يُخَفف عنهم العذاب في الآخرة، وليس لهم ناصر ينصرهم يومئذ.
٨٧ - ولقد آتينا موسى التوراة، وأتبعناه برسل من بعده على أثره، وآتينا عيسى بن مريم الآيات الواضحة المبيِّنةَ لصدقه؛ كإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وقويناه بالملَكِ جبريل عليه السلام، أفكلما جاءكم -يا بني إسرائيل- رسول من عند الله بما لا يوافق أهواءكم استكبرتم على الحق، وتعاليتم على رسل الله؛ ففريقًا منهم تكذِّبون، وفريقًا تقتلون؟!
٨٨ - لقد كانت حجة اليهود في عدم اتباع محمد - ﷺ - قولهم: إن قلوبنا مُغَلّفة لا يصل اليها شيء مما تقول ولا تفهمه، وليس الحال كما زعموا، بل طرَدَهم الله من رحمته بكفرهم فلا يؤمنون إلا بقليل مما أنزل الله.
x• من أعظم الكفر: الإيمان ببعض ما أنزل الله والكفر ببعضه؛ لأن فاعل ذلك قد جعل إلهه هواه.
• عِظَم ما بلغه اليهود من العناد، واتباع الهوى، والتلاعب بما أنزل الله تعالى.
• فضل الله تعالى ورحمته بخلقه، حيث تابع عليهم إرسال الرسل وإنزال الكتب لهدايتهم للرشاد.
• أن الله يعاقب المعرضين عن الهدى المعاندين لأوامره بالطبع على قلوبهم وطردهم من رحمته؛ فلا يهتدون إلى الحق، ولا يعملون به.