والكلامية ونحوها... والبيضاوي لم يكتف فقط بالنقل من تفاسير السابقين، وإنما أعمل عقله، فضمّن تفسيره نكتا بارعة ولطائف رائقة واستنباطات دقيقة بأسلوب موجز، وعبارة دقيقة، وهو يهتمّ بذكر القراءات أحيانا، ويعرض للصناعة النحوية، ولكن بدون توسع كما أنه يتعرض للأحكام الفقهية بدون توسع أيضا.. والبيضاوي مقلّ جدا من إيراد الإسرائيليات وإن أورد شيئا منها صدّره بما يشير إلي ضعفها ووهنها.
قال صاحب كشف الظنون عنه: (وتفسيره - أي البيضاوي - عظيم الشأن غنيّ عن البيان لخّص فيه من الكشاف ما يتعلق بوجوه الإعراب والمعاني والبيان، ومن التفسير الكبير ما يتعلق بالحكمة والكلام، ومن تفسير الراغب ما يتعلق بالاشتقاق وغوامض الحقائق ولطائف الإشارات، وضم إليه ما وري زناد فكره..
فأظهر مهارته في العلوم حسب ما يليق بالمقام) (١).
[٣] مدارك التنزيل وحقائق التأويل: لعبد الله بن أحمد بن محمود النسفي ت ٧٠١ هـ:
لخصه من تفسير البيضاوي ومن الكشاف، وجري فيه على مذهب أهل السنة، وقد كتبه بأسلوب سهل وعبارة موجزة، يتعرض للمسائل النحوية والفقهية وينتصر لمذهبه الحنفي ويرد على من خالفه في كثير من الأحيان، وهو مقل جدا من إيراد الإسرائيليات ويظهر النسفي ورعا كبيرا حتى إنه قال في مقدمته: (وكنت أقدّم فيه رجلا وأؤخر أخرى استقصارا لقوة البشر عن درك هذا الوطر، وأخذ السبيل الحذر عن ركوب متن الخطر..) (٢) وفي الجملة الكتاب قيّم سهل التناول وقد اعتمد تدريس بعض أجزاء منه على طلاب المرحلة الثانوية بالمعاهد الأزهرية لفترة طويلة.

(١) التفسير والمفسرون ٢٨٢ - ٢٨٨، كشف الظنون ١/ ١٢٧ وما بعدها
(٢) انظر مقدمة تفسير النسفي ١/ ٢٨، ط دار النفائس، الأردن ١٩٩٦ م.


الصفحة التالية
Icon