- لكن يلاحظ من تورع الصحابة رضي الله عنهم - عن القول في تفسير القرآن بالهوى وبدون علم: أنهم كانوا يرون أن التفسير لا يتم إلا بضوابط حتى لا يحصل الزلل والخطأ في الفهم.
قال أبو بكر رضي الله عنه: (أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إن أنا قلت في القرآن برأيي). وفي رواية: (لأن تضرب عنقي ولا أقول في القرآن برأيي) (١).
«ويعتبر الإمام الشافعي - رحمه الله - (ت ٢٠٤ هـ) أول واضع لأصول التفسير في كتابه الرسالة، وإن كان قصد بها التقعيد لأصول الفقه لكنه تعرض في مباحث كثيرة للمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ.. وغير ذلك من المباحث المهمة في أصول التفسير فاعتبرها العلماء باكورة ما كتب في هذا الشأن» (٢).
ثم توالت الكتابات في أصول التفسير، لكنها كانت بمثابة مقدمات في كتب التفسير يبدأ بها العلماء، ومن أهم تلك المقدمات مقدمة تفسير الإمام الطبري - رحمه الله - وكذلك القرطبي، ثم ظهرت مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية في أصول التفسير، وكذلك كانت توجد أصول التفسير متناثرة في بطون كتب علوم القرآن، أما في العصر الحاضر فقد كتب غير واحد من العلماء في أصول التفسير جمعا لهذا المتناثر في القرآن تقريبا وتسهيلا على الطلاب.
ومع ذلك يبقي علم أصول التفسير كما قال الدكتور: محمد لطفي الصباغ - من العلوم القابلة للنمو - والتي تحتاج إلي جهد وعناية كبيرة (٣).

(١) انظر: فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم ص ٢٢٧ وهو مرسل.
(٢) انظر: خالد عبد الرحمن العك: أصول التفسير وقواعده ص ٣٥.
(٣) انظر: بحوث في أصول التفسير ص ١٢.


الصفحة التالية
Icon