التفسير بالتأويل، فيقول عند كل آية: «القول في تأويل قوله تعالى» ثم يشرع في تفسيرها، ويقول في مقدمة تفسيره التأويل على ثلاثة أوجه:
ما لا سبيل إلي الوصول إليه وهو ما استأثر الله بعلمه.
وما خص الله تعالى بعلم تأويله نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وما يعلم تأويله كل ذي علم باللسان الذي نزل به القرآن (١).
ومن خلال السياق الموجز السابق لمعنى التأويل عند الأصوليين والمفسرين من علماء السلف، يبدو أنهم كانوا يستعملونه في إطار معناه اللغوي، وهو الكشف عن معنى اللفظ أو حمله على معنى من المعاني إن كان يحتمل أكثر من معني.
وللتأويل عند علماء السلف ضوابط مهمة تبعد المؤوّل أو المفسّر عن اتباع الهوى والشطط في التأويل من أهمها: «أن يكون المعنى الذي أوّل إليه النص من المعاني التي يحتملها لفظ النص نفسه.. موافقا لوضع اللغة.. وأن يكون للتأويل دليل صحيح يدل على صرف اللفظ عن الظاهر إلي غيره.. لأن الأصل في عبارات الشرع ونصوصه أنها قوالب لمدلولاتها الظاهرة، ويجب العمل بظاهرها إلا إذا قام دليل للعدول عن الظاهر إلي غيره.. فظاهر الأمر: أنه يدل على الوجوب فيجب العمل بهذا الظاهر ولا يحمل على الندب والإرشاد إلا بدليل، وكذلك ظاهر النهي التحريم فيجب الكف والترك، وأما العدول إلي القول بالكراهة فلا يقبل إلا بدليل) (٢).
ومن العلماء من فرّق بين التأويل والتفسير، ومن فرّق وجّه الفرق بينهما بأن التفسير يتعلق ببيان موضوع اللفظ، والتأويل ببيان المعنى المراد (٣).
(٢) انظر: روضة الناظر وجنة المناظر ٢/ ٣١، ٣٢ إرشاد الفحول للشوكاني ص ١٧٧.
(٣) انظر: أصول التفسير وقواعده ص ٥٢/ ٥٣.