وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ (وهذا هو فصل الخطاب بين المتنازعين في هذا الموضع، فإن الله أخبر أنه لا يعلم تأويله إلا هو... ولكن لم ينف علمهم بمعناه وتفسيره بل قال: كتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْك مُبارَك لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ [ص: ٢٩] كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته (وهذا يعم الآيات المحكمات والآيات المتشابهات وما لا يعقل له معنى لا يتدبر وقال: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ [النساء: ٨٢ - محمد: ٢٤].. (ولم يستثن شيئا منه نهي عن تدبره، والله ورسوله إنما ذم من اتبع المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، فأما من تدبر المحكم والمتشابه كما أمره الله وطلب فهمه ومعرفة معناه فلم يذمه الله بل أمر بذلك ومدح عليه) (١).
فمثلا: (الذّاريات - فالحاملات - فالجاريات - فالمقسّمات) من المتشابه لأن اللفظ يحتمل الرياح والسحاب والنجوم والملائكة ويحتمل غير ذلك إذ ليس في اللفظ ذكر الموصوف، والتأويل الذي لا يعلمه إلا الله هو أعيان الرياح ومقاديرها وصفاتها ومتي تهب وأعيان السحاب وما تحمله من المطر ومتي ينزل... وهكذا فهذا لا يعلمه إلا الله) (٢).
وعلى نقيض السلف وجد من توقف قطعا عن التفسير المتشابه فعطل الآيات ووجد من تكلف علم ما لا علم له به. فاللهم اجعلنا على طريق السلف وألحقنا بهم.

(١) المرجع السابق ١٣/ ٢٧٥.
(٢) المرجع السابق ١٣/ ٣١٢.


الصفحة التالية
Icon