يشاء من غير نظر إلي حكمة أو غرض، وإما أن يكون ممن يعتبر الحكمة والغرض في أفعاله تعالى، فإن كان الأول فلا يمتنع عليه تعالى أن يأمر بالفعل في وقت وينهي عنه في وقت، كما أمر بالصيام في نهار رمضان ونهي عنه في يوم العيد، وإن كان الثاني: فمع بطلانه في كتب الكلام فلا يمتنع أن يأمر بالفعل في وقت وينهي عنه في وقت للمصلحة، فإن المصالح تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان، حتى إن مصلحة الشخص الواحد قد تختلف باختلاف الأزمان فلا يمتنع أن يأمر الله تعالى المكلف بالفعل في زمان لعلمه بمصلحته فيه وينهاه عنه في زمان آخر لعلمه بمصلحته فيه، كما يفعل الطبيب بالمريض حيث يأمره باستعمال دواء خاص في بعض الأزمنة وينهاه عنه في زمن آخر بسبب اختلاف مصلحته.. ومع جواز اختلاف المصالح باختلاف الأزمنة لا يكون النسخ ممتنعا) (١).
أنواع النسخ:
قال الشوكاني - رحمه الله - في إرشاد الفحول: (نسخ التلاوة دون الحكم، والعكس، ونسخهما معا..) (٢).
وهذا يعني أنها ثلاثة أنواع:
الأول: ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
مثل: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله) فقد ثبت أن هذا كان قرآنا ثم نسخ رسمه أي تلاوته وبقي حكمه.
الثاني: ما نسخ حكمه مع بقاء تلاوته مثل قوله تعالى: واللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّي يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥) [النساء: ١٥]، (فقد نسخ
(٢) إرشاد الفحول ص ١٨٩، وانظر الإحكام ٣/ ٢٠١.