المطلب الثاني: التأويل بمعنى الفهم والتفسير
ورد التأويل بالمعنى الثاني- الذي سبق أن قرّرناه أثناء حديثنا عن آية المحكم والمتشابه، وفي سورة آل عمران- وهو: التفسير والبيان والفهم، في بعض أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وهو في هذه الأحاديث موجّه لتأويل القرآن، أي: فهمه وتفسيره وبيان معناه.
من هذه الأحاديث:
١ - روي الإمام أحمد عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: هلاك أمتي في الكتاب واللبن! قالوا: يا رسول الله: وما الكتاب واللّبن؟
قال: يتعلّمون القرآن، فيتأوّلونه علي غير ما أنزل الله. ويحبون اللبن، فيدعون الجماعات والجمع، ويبدون! (١) إنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم يذمّ هذا الصنف من الناس، وهم الذين يتعلمون القرآن، ويدرسونه، ولكنهم لا يفهمونه فهما صائبا، ولا يتأوّلونه تأوّلا صحيحا، وإنما يفهمونه فهما خاطئا، ويفسّرونه تفسيرا مغلوطا، ويؤوّلونه تأويلا مردودا باطلا، علي غير ما أنزل الله، وبذلك يحرّفون بهذا التأويل الباطل الآيات عن معناها الصحيح، إلي معنى آخر مرفوض، لا تدلّ عليه، ولا تشير إليه.
وبينما ذمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المتأولين السابقين، لأنهم تأوّلوا القرآن علي

(١) مسند أحمد بن حنبل: ٤/ ١٥٥.


الصفحة التالية
Icon