فإن المشقة منتفية في حقهما، والسفر لا يشقّ عليهما، ولذلك لم يقصرا الصلاة.
وتأويلهما للآية بعد ذلك أنهما أدّيا الصلاة فعلا تامة غير مقصورة، وهذا هو المظهر المادي العمليّ للتأويل، حيث حقّقا الصورة المادية لمعنى الآية، ونفّذا فعلا ما دلّت عليه الآية حسب فهمهما لها.
٣ - أخرج البخاريّ عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا رسول الله: أين تنزل؟ في دارك بمكة؟ فقال: وهل ترك عقيل من رباع أو دور؟ وكان عقيل ورث أبا طالب، هو وطالب، ولم يرثه جعفر ولا علي رضي الله عنهما شيئا، لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين، فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لا يرث المؤمن الكافر.
قال ابن شهاب: وكانوا يتأوّلون قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وهاجَرُوا وجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، والَّذِينَ آوَوْا ونَصَرُوا، أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ (١) (٢).
يخبر أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه كان مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم لما توجّه إلي فتح مكة، فسأل أسامة الرسول عليه الصلاة والسلام: أين سينزل في مكة؟ أينزل في داره فيها؟ أم ينزل في دار أخري؟
فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن عقيل بن أبي طالب لم يترك له في مكة دارا، وذلك لأنه باع جميع دور هاشم بن عبد مناف، وابنه عبد المطلب، التي آلت إلي أبي طالب وعبد الله والد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
لقد أسلم جعفر وعلي ابنا أبي طالب رضي الله عنهما، وبذلك فقدا
(٢) صحيح البخاري: ٢٥ كتاب الحج: ٤٤ باب توريث دور مكة وبيعها: حديث رقم: ١٥٨٨.