فجاء أبو بكر يستأذن عليه ليدخل. فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك.
فوقف، فجئت إلي النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: يا نبيّ الله: أبو بكر يستأذن عليك. قال: ائذن له، وبشّره بالجنة، فدخل، فجاء عن يمين النبي صلّى الله عليه وسلّم، فكشف عن ساقيه، ودلاهما في البئر.
فجاء عمر، فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
ائذن له، وبشّره بالجنة، فجاء عن يسار النبي صلّى الله عليه وسلّم، فكشف عن ساقيه، فدلاهما في البئر. فامتلأ القفّ، فلم يكن فيه مجلس.
ثم جاء عثمان، فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
ائذن له وبشّره بالجنة، معها بلاء يصيبه، فدخل، فلم يجد معهما مجلسا، فتحوّل، حتى جاء مقابلهم على شفة البئر، فكشف عن ساقيه، ثم دلاهما في البئر.
فجعلت أتمني أخا لي، وأدعو الله أن يأتي.
قال ابن المسيب: فتأوّلت ذلك قبورهم، اجتمعت هاهنا، وانفرد عثمان» (١).
إنّ أبا موسي الأشعري رضي الله عنه يخبر عن اجتماع الرسول صلّى الله عليه وسلّم مع أبي بكر وعمر على جانب في حافة البئر، وعن انفراد عثمان وجلوسه مقابلهم على الجانب الآخر من الحافة لعدم وجود مكان له بجانبهم.
وهذا التقدير الرباني لمواقعهم في هذه الجلسة يشير إلي ما سيكونون عليه في المستقبل، عند وفاتهم جميعا.
وقد فهم سعيد بن المسيب هذه الإشارة، وعبّر عنها قائلا: فأوّلت ذلك قبورهم، اجتمعت هاهنا، وانفرد عثمان.