«والذي نميل إليه: أن التفسير فيه معنى الكشف والبيان والتفصيل.
وأنّ التأويل فيه معنى الرجوع والردّ والصرف والسياسة.
وبناء على ذلك نري أنه لا تعارض بين الأقوال، وأن كلّا من هذه الأقوال يعبّر عن نوع من الأنواع، التي تنطوي تحت التفسير أو التأويل.
فالذي قال: إنّ التفسير هو القطع على أنّ المراد من اللفظ هذا، إنما نظر إلي نوع من التفسير، وهو الذي يعتمد على دليل قطعي، من قرآن أو سنة أو إجماع، وهذه ولا شك إحدي الحالات التي تواجه المفسر.
ومثله الذي قال: التفسير هو بيان مراد المتكلم، أو هو ما يتعلق بالرواية، أو هو بيان موضوع اللفظ.
يلاحظ بأنّ التفسير في كلّ هذه الأقوال فيه معنى الكشف والبيان.
والذي يقول: إن التأويل: هو ترجيح أحد محتملات اللفظ، بدون القطع والشهادة على الله، أو هو ما يتعلق بالدراية، أو هو صرف الآية إلي معنى تحتمله، أو هو المعنى غير المتبادر...
ويلاحظ أنّ كلّ ما ذكر من أنواع وأمثلة، تدخل تحت التأويل، وتحتاج إلي تدبر الكلام، وتقليبه على الوجوه المحتملة، وقد تصرفه عن ظاهره لدليل، وقد تقبل ظاهر الكلام المتبادر مع القول بمعنى آخر غير متبادر. إذ لا تعارض بينهما.
وبناء على هذا: يرجع الاختلاف بين العلماء في هذا إلي اختلاف التنوّع، لا اختلاف التضادّ.
حيث عبّر كلّ واحد منهم عن نوع من أنواع التفسير، أو نوع من أنواع التأويل»
(١).

(١) التعريف بالقرآن الكريم- على الآلة الكاتبة- لأستاذنا الدكتور أحمد فرحات: ١١١.


الصفحة التالية
Icon