١٦ - قولُه تعالى: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾؛ أي: من كمالِ هذا الربِّ المجيدِ أنه يفعلُ ما يشاء، متى شاء، وكيف شاء، لا يردُّه أحدٌ عن شيء ولا يَحُدُّه، فمتى شاء ضَحِكَ، ومتى شاء سَخِطَ، ومتى شاء أَحْيَا، ومتى شاء أَمَاتَ، وهكذا غيرها من أفعاله.
١٧ - ١٨ - قولُه تعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ *فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ﴾: هذا مثالٌ لأُمَمٍ وقع عليها بطشُ الله، والمعنى: قد أتاكَ فيما أنزِلَ عليكَ خبرُ الجموعِ الكافرةِ المتجنِّدة لحربِ أولياءِ الله، وهم فرعون وقومه الذين كذَّبوا موسى عليه السلام، وقومُ ثمودَ الذين كذَّبوا صالحاً عليه السلام، وهم قد كفروا برسُلِهم عن عِلْمٍ، فكان كُفرُهم كُفْرَ جُحود.
١٩ - ٢٠ - قولُه تعالى: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ *وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ﴾؛ أي: لكن الذين كفروا من قومِك ينسبونَكَ إلى الكَذِبِ ولا يصدِّقونَكَ فيما تخبِرُ به من الوحي، والله المطَّلعُ عليهم متمكِّنٌ منهم، فهم لا يفلِتون منه، ولا يُعْجِزونَه، ولا مكان لهم يُؤويهم من عذابه.
٢١ - ٢٢ - قولُه تعالى: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ *فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾؛ أي: لكن هذا الوحي الذي يكذِّبون به كلامٌ متلوٌّ باللسانِ، وهو كلامٌ كريمٌ شريفٌ (١)؛ لأنه كلامُ ربِّ العالمين، وهو محفوظٌ مَصُونٌ في اللوح المحفوظ، محفوظٌ من كلِّ ما يُشينه وينقصه (٢)، فلا تصِل إليه يدُ التخريب (٣)، والله أعلم.
_________
(١) ورد عن قتادة من طريق سعيد، وسعيد بن جبير من طريق جعفر: «مجيد: كريم».
(٢) قال مجاهد من طريق منصور: «في لوح: أم الكتاب»، وقال قتادة من طريق سعيد: «محفوظٌ عند الله»، ووردَ عن أنس بن مالك أن اللوحَ المحفوظَ المذكور هنا محفوظٌ في جبهة إسرافيل، والله أعلم بصحَّة ذلك.
(٣) ورد في «محفوظ» قراءتان: الأولى بالرفع، وتكون صفة للقرآن، والثانية بالخفض، وتكون صفة للَّوح، ومؤدَّى القراءتين: أن القرآنَ محفوظٌ في اللوح المحفوظ، والله أعلم.