١١ - ١٤ - قولُه تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ *وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ *إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ *وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾: يقسمُ ربُّنا بالسماء التي يرجِعُ منها المطر مرَّةً بعد مرة (١)، وبالأرضِ التي تتشقَّقُ فيخرُجُ منها النبات (٢)، أنَّ هذا القرآن الذي أنزلَهُ على عباده قولٌ جِدُّ، وهو فُرقانٌ يفرِّقُ اللَّهُ به بين الحقِّ والباطل (٣)، وليس لَعِباً ولا لَهْواً من القول.
١٥ - ١٦ - قولُه تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا *وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾؛ أي: إنَّ هؤلاء المكذِّبينَ بالبعثِ والقرآنِ يُدبِّرون الحِيَلَ ويمكرون، والله يكيدهم كما هم يكيدون، ولذا ينقلبُ عليهم كيدُهم خُسراناً وهلاكاً، فمن ذا الذي يستطيع حربَ الله والكيدَ له؟!.
١٧ - قولُه تعالى: ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾؛ أي: اتركهُم، ولا تتعجَّل عليهم، واصبِر عليهم قليلاً قليلاً، فإنهم سيلاقونَ ما أوعدَهم الله جزاءً لكيدِهم، والله أعلم.
_________
(١) فسَّر السلفُ الرَّجْعَ بالمطر، وَرَدَ ذلك عن ابن عباس من طريق عكرمة والعوفي، والحسن من طريق أبي رجاء، وعكرمة من طريق أبي رجاء، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق معمر وسعيد، والضحاك من طريق عبيد. وانفرد ابن زيد بتفسير الرجع بقوله: «شمسها وقمرها ونجومها يأتين من ها هنا».
(٢) كذا فسَّر السلف ذلك، وَرَدَ ذلك عن ابن عباس من طريق عكرمة والعوفي، والحسن وعكرمة من طريق أبي رجاء، وقتادة من طريق معمر وسعيد، والضحَّاك من طريق عبيد، وابن زيد، وقرأ: ﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا *فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا﴾ إلى آخر الآيات. [عبس: ٢٩ - ٣١]
(٣) قال ابن جرير: «يقول: لقولٌ يفصِلُ بين الحق والباطل ببيانه. وبنحْوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ على اختلافٍ منهم في العبارة عنه، فقال بعضهم: لقولٌ حقٌ، وقال بعضهم: لقولٌ حكم».


الصفحة التالية
Icon