سورةُ الغَاشية
وردَ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يقرأُها في صلاةِ العيدِ والجُمعة.
١ - قولُه تعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾: يقولُ اللَّهُ تعالى لنبيِّه محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم: هل أتاكَ خبرُ يومِ القيامة التي تغشَى الناسَ بأهوالها وتُغطِّيهم (١)؟.
_________
(١) وردَ عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة: «الغاشية: من أسماء يوم القيامة، عظَّمه الله، وحذَّره عباده». ومن طريق العوفي قال: «الساعة»، وكذا ورد عن قتادة من طريق سعيد.
وذكر الطبري ترجمة أخرى، فقال: «وقال آخرون: بل الغاشية: النار تغشى وجوهَ الكَفَرَة»، وأوردَ الرواية عن سعيد بن جبير، قال: «غاشيةُ النار». ويلاحَظُ أنَّ قول سعيدٍ يَحتمِلُ أن يُرادَ به الذين يغشون النار، وهم الكفَّار، والله أعلم.
ثم رجَّح الإمام ابن جرير فقال: «والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنَّ الله قال لنبيِّه صلّى الله عليه وسلّم: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾، لم يخبرنا أنه عَنَى غاشيةَ القيامةِ، ولا أنه عَنَى غاشيةَ النَّارِ، وكِلتاهما غاشيةٌ، هذه تَغشَى الناسَ بالبلاءِ والأهوالِ والكُروبِ، وهذه تغشى الكفارَ باللَّفْحِ في الوجوهِ، والشَّواظِ والنُّحاسِ، فلا قول أصحَّ من أنْ يقالَ كما قال جلَّ ثناؤه، ويُعمَّ الخبرُ بذلك كما عَمَّهُ».
ويلاحَظُ هنا أن ابن جرير لم يعتمد قولَ ابن عباس ويقدِّمه على أنه قول صحابي، ويترك ما خالفه من قول التابعي، وهذا منهجٌ يحتاجُ إلى بحثٍ ودراسة، والله أعلم.
وعلى هذا يكون سبب الاختلاف أن الغاشية وصفٌ لمحذوف، فذكَرَ كلُّ واحدٍ منهم ما يحتمله من الموصوفات، وهذه الموصوفاتُ جاءت على سبيل التواطىء بينها في وصف الغاشية، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon