٥ - قولُه تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ﴾؛ أي: أيَظُنُّ هذا الإنسانُ الكافرُ المخلوقُ في كَبَدٍ أنه لا أحدَ يقهرَه ويغلِبَه؟!
٦ - قولُه تعالى: ﴿يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَدًا﴾؛ أي: يقولُ هذا الكافرُ المغتَرُّ بقوَّتِه: أنفقتُ مالاً متراكماً بعضه على بعض من كَثْرَتِه، وهو إنما أهلكَهُ في الباطل، فيفتخرُ بذلك.
٧ - قولُه تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ﴾؛ أي: أيظنُ هذا الكافر أنَّ اللَّهَ لم يطَّلع عليه، وهو ينفقُ مالَهُ في الباطل؟!
٨ - ١٠ - قولُه تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلَ لَهُ عَيْنَيْنِ *وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ *
_________
= من طريق عمارة، وإبراهيم النخعي من طريق منصور، وعبد الله بن شداد وأبي صالح من طريق إسماعيل بن أبي خالد، والضحاك من طريق عبيد.
الثالث: الكَبَد: السماء، والمعنى: لقد خلقنا آدم في السماء، وهو قول ابن زيد.
قال الطبري: «وأولى الأقوال في ذلك بالصوابِ قول من قال: معنى ذلك أنه خُلِقَ يُكابِد الأمور ويعالجها، فقوله: {فِي كَبَدٍ﴾
معناه: في شدَّة، وإنما قلنا: ذلك أَوْلى بالصواب؛ لأن ذلك المعروف في كلام العرب من معاني الكَبَد، ومنه قول لَبيد بن ربيعة:
عَينِ هَلاَّ بَكَيتِ أَرْبَدَ إذْ
قُمْنَا وقَامَ الخُصُومُ في كَبَدِ»

ويظهرَ أنَّ سببَ هذا الاختلاف أنَّ لفظَ «كَبَدٍ» مشتَركٌ لُغوي بين هذه المعاني، فذكرَ كل واحدٍ منهم أحد هذه المعاني التي يراها مناسبةً لتفسيرِ الكَبَدِ في الآية، مع ملاحظة أنَّ ما ورد عن ابن زيد لم يَرِدْ في كتب اللغة، والوارد إضافةَ الكَبَدِ إلى السماء؛ فيقال: كَبِدُ السماء؛ أي: وسطها، أمّا تفسير الكَبَدِ بالسماء، فهل يُحكى لغةً في الكَبَد؟!
وما رجَّحه ابن جرير الطبري هو المعنى المشهور من اللفظة، وهو المناسِبُ لمعنى الآية، ويكون الكَبَدُ بالنسبة للإنسان على نوعين:
الأول: كَبَدٌ عام يشترك فيه كل الناس، وهو مكابَدَةُ أمورِ الدنيا، وهو ما أشارَ إليه السلف.
الثاني: كَبَدٌ خاصٌ بالكافر، وذلك بسبب كُفْرِهِ وإعراضِه عن الله، وكثرةِ ما يعبده من الآلهة، قاله الطاهر بن عاشور، وهو معنًى قويٌّ مُتَّجِهٌ في الآية، يدل عليه قول الله: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾ [طه: ١٢٤]، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon