وهو الصَّيْحَةُ والرَّجْفَةُ التي أُهْلِكُوا بها، وذلك بسببِ ما فعلوهُ من تكذيبِ صالحٍ عليه السلام وعَقْرِ الناقةِ، فَجَعَلَ هذه الدَّمْدَمَة نازلةً عليهم على السواء، فلم يفلِت منهم أحد (١). ولا يخافُ اللَّهُ عاقبةَ تعذيبِه لهؤلاء من أن يسألَه أحدٌ عن فعلِه، فهو الفعَّالُ لما يُريد، لا يُسأل عمَّا يَفْعَلْ، وهم يُسألون (٢)، والله أعلم.
_________
= ورضوا بقتلِها، وعن رضا جميعهم قَتَلَها قاتلُها، وعَقَرَها من عَقَرَها، ولذلك نُسِبَ التكذيبُ والعَقْرُ إلى جميعِهم، فقال جلَّ ثناؤه: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا﴾».
(١) قال قتادة من طريق سعيد: «ذكر لنا أن أُحيمرَ ثمود أبى أن يعقرها حتى بايعه صغيرُهم وكبيرُهم، وذكَرُهم وأنثاهم، فلما اشتركَ القومُ في عقرِها، دَمْدَمَ اللَّهُ عليهِم بذنبِهم فسوَّاها».
(٢) وردَ هذا التفسير عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، والحسن من طريق عمر بن مرثد وعمر بن منبِّه وأبي رجاء، وقتادة من طريق سعيد، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وبكر بن عبد الله المزني.
وورد عن الضحَّاك من طريق أبي روق، والسدي من طريق سفيان: «لم يخَفِ الذي عقرَها عُقباها»؛ أي: عُقبى فِعْلَتِه، وهذا الاختلاف يرجع إلى معنيين صحيحين محتَمَلين، وسببه الاختلاف في مفسَّر الضمير، واحتماله للمرجعين على سبيل التواطؤ، وإن كان الأول أَولى لأنه قولُ الأكثر، ولقراءةِ عامةِ قُرَّاء الحجازِ والشام: ﴿وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا﴾، والفاء تدل على تفريعِ ما بعدَها عن ما قبلَها، وما قبلَها حكايةٌ عن فعلِ الله بهم، فتكون هذه الجملةُ متفرعةً عنها في حكايةِ انتفاءِ خوفِ الله منهم، مع ما لهم من القوة، وفي هذا تهديدٌ للأقوامِ الآخَرينَ بقوةِ الله وأنه الفعَّالُ لما يُريد، والله أعلم.