صِدْقِه؟، أو من يُكَذِّبُكَ يا محمد صلّى الله عليه وسلّم بعدَ هذا البيانِ بيومِ الحساب (١)؟.
٨ - قولُه تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾؛ أي: أليسَ اللَّهُ العالمُ بعبادِه بأحكَم من فصَلَ بين عبادِه وقضى بينهم، فلا يظلِمُهُم، ولا يجورُ عليهم (٢)؟، والله أعلم.
_________
(١) هذا مُقتضى تفسير مجاهد والكلبي، حيث جعلا الخطابَ للإنسان. ومن جعل الخطابَ للرسول صلّى الله عليه وسلّم، فالمعنى: فمن الذي يكذِّبك بعدَ هذا البيان بالدين. وقد اختاره الطبري، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قول من قال: معنى «ما» معنى «من»، ووجه تأويل الكلام إلى: فمن يكذِّبك يا محمد بعدُ بالذي جاءك من هذا البيان من الله بالدين؛ يعني: بطاعة الله، ومجازاتِه العبادِ على أعمالهم».
وهما قولان محتَملان، والأول يُبقي «ما» على معناها بلا تأويل، والثاني معنى معروفٌ في «ما» وقد سبق مثله في سورة الشمس وغيرها.
ولذا يمكن أن يقال أنَّ سبب الاختلاف الاشتراك اللغوي في دلالة «ما» على معنى الاستفهام، ومعنى الموصولية، ومن ثَمَّ يكون الاختلاف راجعاً إلى معنيَيْنِ محتمَلين، والله أعلم.
(٢) وردَ في مُرْسَلِ قتادة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان إذا قرأها قال: «بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين».
وورد كذلك عن ابن عباسٍ من طريق سعيد بن جبير أنه يقول: «سبحانكَ اللَّهُمَّ، وبلى». وكذا ورد عن قتادة من طريق معمر، قال: «كان قتادة إذا تلا: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾، قال: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين، أحسبه كان يرفعُ ذلك، وإذا قرأ: ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ [القيامة: ٤٠]؟ قال: بلى، وإذا تلا: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [المرسلات: ٥٠] قال: آمنت بالله، وبما أنزل».


الصفحة التالية
Icon