الآياتُ في أبي جهلٍ لما نَهى رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم عن الصلاةِ في المسجد الحرام وحَلَفَ لَيَطَأنَّ رقبتَهُ، وهو يصلي (١)، فقال تعالى: أعلِمْتَ أيها المخاطَب عن خبرِ الذي يَنْهَى محمداً صلّى الله عليه وسلّم عن الصلاة في المسجد الحرام، ألم يعلمْ بأن الله يراهُ، فيخاف سطوتَهُ وعقابَه؟.
١١ - ١٢ - قولُه تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى *أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى﴾؛ أي: أرأيتَ أيها المخاطَب إن كان محمداً على الاستقامةِ والسَّدَاد في أمر صلاتِه؟، أو كان آمراً باتقاء الله، والخوفِ منه؟، أيَصِحُّ أن يُنْهَى عن ذلك؟!.
والواقعُ أنَّ هذا الكافرَ ينهاه، وهذا تعجيبٌ من حاله، إذ كيف يُنهَى من كان بهذه الصفةِ من الهُدى والأمرِ بالتقوى؟!.
١٣ - ١٤ - قولُه تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى *أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾؛ أي: أرأيتَ أيها المخاطَب إن كان هذا الناهي مكذِّباً بالله، ومُعْرِضاً عنه؟، أيعملُ هذه الأعمال، ولم يوقِن بأنَّ الله مطَّلِعٌ عليه، بصيرٌ به، يعلمُ جميعَ أحواله؟!.
١٥ - ١٦ - قولُه تعالى: ﴿كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ *نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾؛ أي: ليس الأمرُ كما قالَ وفعلَ هذا الناهي، فإنه لا يقدِرُ على إنفاذِ ما أراد، ثُمَّ يقسِمُ ربُّنا على أن هذا العبدَ الناهيَ إن لم يترك أعمالَه هذه وينتهي عنها ليأخُذنَّه مجذوباً من مقدِّمة رأسِه، وهذه الناصية ـ والمراد بها صاحبها ـ يصدُرُ عنها الخطأ والذنب، والكذِب في القول.
١٧ - ١٨ - قولُه تعالى: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ *سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾: لمَّا نهى أبو جهلٍ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم، انتَهَرهُ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال أبو جهل: «علامَ يتهدَّدُني
_________
(١) ورَدت الرواية بذلك عن ابن عباس من طريق عكرمة، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح: أن الناهي أبو جهل، وورد قوله: «لأَطَأنَّ عُنُقَهُ»
عن قتادة من طريق سعيد ومعمر.


الصفحة التالية
Icon