سورةُ الفِيل
تحكي هذهِ السورةُ قصةَ أَبْرَهَةَ الحبشيِّ الذي جاءَ لهدمِ الكعبةِ في العامِ الذي وُلِدَ فيه النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم، وتذكُرُ ما حصلَ لهم من العِقاب.
١ - ٢ - قولُه تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ *أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾؛ أي: ألم تعلمْ بما صنعَهُ الله بأبرهةَ وقومِه الذين غزو مكةَ بجيشٍ فيه أفيال، وأرادوا أن يهدِموا الكعبة؟، لقد جعلَ اللَّهُ سعيَهُم وتدبيرَهم في صَرْفِ الناس عن الكعبةِ ومحاولة هَدْمِها عملاً ضائعاً لا فائدةَ فيه.
٣ - ٥ - قولُه تعالى: ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ *تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِن سِجِّيلٍ *فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَاكُولٍ﴾؛ أي: وَأَلَمْ تعلمْ بما عاقَبهم به من بَعْثِ طيورٍ من السماءِ جاءت جماعاتٍ كثيرةً متفرِّقةً يتبعُ بعضُها بعضاً (١)،
_________
(١) ورد تفسيرُ الأبابيل عن السلف بعدة عباراتٍ، منها:
١ - الفِرَق، ورد ذلك عن ابن مسعود من طريق زِرِّ، وإسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح.
٢ - المتتابِعة، ورد ذلك عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة والعوفي، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، والضحَّاك من طريق عبيد.
٣ - الكثيرة، ورد ذلك عن الحسن من طريق الفضل، وقتادة من طريق معمر.
٤ - المجتمِعة، ورد ذلك عن أبي سلمة، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح.
وهذه التفاسيرُ كلُّها صحيحة، وإن كان بعضُها تفسيراً على المعنى، وهو مأخوذٌ من الوصفِ الذي جاءت عليه هذه الطيور، فهي جاءت مجتمِعةً، ومتفرِّقةً، وكثيرةً، ويتبَعُ بعضُها بعضاً، وكلُّ هذا حق، وما ورد عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح أشمل هذه =


الصفحة التالية
Icon