١٥ - قولُه تعالى: ﴿لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا﴾؛ أي: أنزلنا المطرَ من السَّحاب لأجلِ أن نُخرجَ الحَبَّ، وهو شاملٌ لجميع الحبوب؛ كالقمحِ والشعير والأرز، وغيرِها، ونخرجَ النباتَ، وهو ما عدا الحبوب مما ينبتُ في الأرض؛ كالنخيل والرُّمَّان والأعناب، وغيرها.
١٦ - قولُه تعالى: ﴿وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا﴾ (١)؛ أي: ونخرجُ بالمطرِ البساتينَ (٢) التي التفَّت أغصانُ أشجارِها بعضُها على بعض (٣).
١٧ - قولُه تعالى: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا﴾؛ أي: إنَّ يومَ القيامة كان موعداً مؤقتاً للجَمْع بين هذه الخلائق، ليفصِلَ اللَّهُ فيه بينها (٤).
١٨ - قولُه تعالى: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَاتُونَ أَفْوَاجًا﴾؛ أي: يوم الفصل هو يوم ينفخُ إسرافيلُ عليه السلام النفخةَ الثانيةَ في البوق، فتجيئونَ أيها الناس زُمَراً زُمَراً، وجماعاتٍ جماعاتٍ (٥).
_________
= هنا أن المعصِرات وصف لموصوف محذوف، وهو محتمِل لأحد المعنيين المذكورين، ويترجح أحدهما بدلالة ظاهر الآية.
(١) في هذه الآيات (٦ - ١٦) أدلة على البعث، انظر في تفصيلها: تتمة أضواء البيان، لمحمد عطية سالم.
(٢) سُمِّيت البساتين جنَّات، لأنها تَجِنُّ من بداخلها؛ أي: تستره، وهذا هو أصل معنى هذه المادة في لغة العرب.
(٣) عبَّر بهذا ابن عباس من طريق العوفي، ومجاهد، وقتادة من طريق سعيد بن أبي عروبة ومعمر بن راشد، وابن زيد، وسفيان. وجاء عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة: مجتمعة، وهو تفسير بالمعنى؛ لأن من لازِمِ التفافها أن تكون مجتمعة.
(٤) أكَّد الخبر بـ «إن» لأنه مما كان يخالف فيه المشركون، وقد وقعت هذه الآية بعد قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا *لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا﴾ [النبأ: ١٤ - ١٦]، للمشابهة التي بين خروج النبات وخروج الناس من قبورهم يوم البعث.
(٥) جاء الفعل «ينفخ» مبنياً للمفعول اهتماماً بالحدث، وهو النفخ في الصُّور، وطُوي ذكر قيامهم من قبورهم، وسَيْرهم إلى أرض المحشر تنبيهاً على سرعة هذا الحدث، وأن الفاصل بين البعث والإتيان يسيرٌ جداً، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon