سورةُ الماعون
١ - ٣ - قولُه تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ *فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ *وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾؛ أي: أرأيتَ الذي لا يُصدِّق بالجزاءِ من الثواب والعِقاب (١)؟، الذي من صفتِه أنه يدفعُ ويظلمُ الطِّفْلَ الذي ماتَ أبوه وهو دونَ سنِّ البلوغ، فلا يُعطيه حَقَّهُ (٢)، ولا يحثُّ نفسَه ولا غيرَه على إطعامِ المحتاجِ الذي قد بلغ من المَسْكَنَةِ مَبْلَغاً عظيماً (٣).
٤ - ٧ - قولُه تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ *الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ *الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ *وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾: يتوعَّدُ ربُّنا المصلِّينَ الذين يَلهونَ عن الصلاة فيؤخِّرونها عن وقتِها، أو يتركونها أحياناً فلا
_________
(١) وردَ عن ابن عباس من طريق العوفي تفسير «الدِّين»، فقال: الذي يكذِّب بحكمِ الله عزَّ وجلَّ، وقد سبقَ التعليقُ على هذا التفسير عند قوله تعالى: ﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ﴾ من سورة التين. وورد عن ابن جريج تفسيره بالحساب.
(٢) وردت عبارات عن السلف فيها بيانُ معنى دَعِّ اليتيم.
الأولى: تفسير لفظي لمعنى «يدُّع»، وهو: يدفعُ اليتيم، ورد ذلك عن ابن عباس من طريق العوفي، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وسفيان الثوري من طريق مهران.
والثانية: بيانٌ للمعنى، وهو: يظلمُه ويقهرُه، ورد ذلك عن قتادة من طريق سعيد ومعمر، والضحَّاك من طريق عبيد، وهذا اختلاف تنوُّع؛ لأنَّ التفسيرَ فيهما يؤولُ إلى معنًى واحد، فالأوَّلونَ عبَّروا عن المعنى اللغوي، والآخِرون عبَّروا عن المعنى المراد به في السياق، والله أعلم.
(٣) يلاحظُ ورود هذه الأوصافِ في المجتمع الكافر، وقد وردت في ثلاثِ سُوَرٍ من هذا الجزء، وهي سورةُ الفجر، وسورةُ البلد، وهذه السورة، كما ورد حثُّ النبي صلّى الله عليه وسلّم على الرفق باليتيم وعدم ردِّ السائل المسكين في سورة الضحى.


الصفحة التالية
Icon