سورةُ الكافِرون
حُكِيَ في سببِ نزولها أنَّ قريشاً طلبت من الرسولِ صلّى الله عليه وسلّم أن يعبُدَ أصنامَهم سَنة، وهم يعبدونَ إلهَهُ سَنة، فأنزلَ الله هذه السورةَ براءةً من الكافرين وعبادتِهم.
وكان صلّى الله عليه وسلّم يقرأُ هذه السورة في الركعة الثانية من الشفع، وفي الركعة الأولى من سُنَّة الطواف وسُنَّة الفجر، ووردَ عنه صلّى الله عليه وسلّم أنها تعدِلُ رُبعَ القرآن.
١ - ٦ - قولُه تعالى: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ *لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ *وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ *وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُّمْ *وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ *لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾.
يأمرُ اللَّهُ نبيَّه محمداً صلّى الله عليه وسلّم أنْ يوجِّهَ الخِطاب لكلِّ الكافرين، ما داموا على الكُفر (١)، ويُخبرَهم أنَّه لا يعبدُ معبوداتِهم لا في حَاضِرِهِ ولا في مُسْتَقْبَلِهِ، وهو قوله: ﴿لاَ أَعْبُدُ﴾، ولا في مَاضِيه (٢)، وهو قوله: ﴿وَلاَ أَنَا
_________
(١) انظر: دقائق التفسير ٦: ٣٢٧. فقد نصَّ على أن الخطابَ موجَّهٌ للكفَّار ما داموا على الكفر، وإن أسلموا بعد ذلك خرجوا عن هذا الخطاب، وهذا يزيلُ إشكالاً وقعَ لبعضِ المفسِّرين المتأخِّرين من أن هذا العمومَ مخرومٌ بإيمانِ من آمنَ منهم بعد هذا الخطاب؛ كأبي سفيان، وغيره، والله أعلم.
(٢) وقع خلاف بين العلماء في سبب تَكرار هاتين الجُملتين، واختِلاف صيغتِهما، وهو كلامٌ يطولُ ذِكره، فاختصرتُ منه ما اختارَه شيخ الإسلام (انظر: دقائق التفسير ٦: ٣١٥ وما بعدها).
وقد سبقَ الحديث على «ما» التي تكرَّرت في الآيات الأربعِ عند قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾ [الشمس: ٥]، وغيرها.