من غيرِها، فهو الذي قد كَمُلَ في أنواعِ الشَّرَفِ والسُّؤْدَدِ، وهو الله هذه صِفته، لا تنبغي إلاَّ له (١).
٣ - ٤ - قولُه تعالى: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ *وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾؛ أي: هذا المعبودُ بحقٍّ ليس ممن يولَد فَيَفْنَى، ولا هو بمُحدَثٍ لم يكن فكان، بل هو الأولُ الذي ليس قبلَه شيء، والآخِرُ الذي ليس بعدَه شيء. ولم يكن له مثيلٌ يكافِئه في أسمائِه وصفاتِه وأفعالِه.
_________
(١) اختلفَت عبارةُ السلفِ في تفسير الصَّمد على أقوال:
الأول: الذي لا جَوْفَ له، ورد ذلك عن بريدة الأسلمي من طريق ابنه عبد الله، وابن عباس من طريق عطية العوفي من غير طريقِهِ المشهور، ومجاهد من طريق منصور وابن أبي نجيح، والحسن من طريق الربيع بن مسلم، وسعيد بن جبير من طريق إبراهيم بن ميسرة، والشعبي من طريق إسماعيل بن أبي خالد، والضحَّاك من طريق سلمة بن نبيط وعبيد المكتب، وسعيد بن المسيب من طريق المستقيم بن عبد الملك، وعكرمة من طريق معمر.
الثاني: الذي لا يخرجُ منه شيء، وردَ ذلك عن عكرمة من طريق أبي رجاء محمد بن يوسف.
الثالث: الذي لم يلد ولم يولد، ورد ذلك عن أبي العالية من طريق الربيع بن أنس.
الرابع: السيِّدُ الذي قد انتهى في سُؤدَدِه، ورد ذلك عن أبي وائل شقيق من طريق الأعمش، وابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة.
الخامس: الباقي الذي لا يفنَى، ورد ذلك عن الحسن وقتادة من طريق سعيد، وقتادة من طريق معمر: الدائم.
وقد وردت عباراتٌ في تفسير بعضِهم؛ كالمُصْمَتِ الذي لا جوفَ له، والذي لا يأكلُ ولا يشربُ، والذي لا حَشْوَةَ له.
وهذا الاختلافُ من اختلافِ التنوع الذي يكونُ في العبارةِ لا المعنى؛ لأنَّ هذه الأقوال ترجع إلى معنًى واحد، وهو غِنى الله عن ما يحتاجه خلقه، لكمالِ سُؤدَدِه.
ولا يَهُولَنَّكَ إنكارُ بعض الخَلَفِ لبعض هذه المعاني الوارِدة عن السلف، وزعمُهم أن هذه الأقوال لا تساعدُ عليها اللغة، وهذا قولُ من لم يفهم تفسيرَ السلفِ، ولا استفادَ منه في ثبوتِ معاني ألفاظ اللغة من تفسيراتهم، والله أعلم.