سورة الفلق
سببُ نزولِ هذه السورةِ والتي بعدها: سحرُ لبيد بن الأعصم اليهودي لرسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم، ومما ينبغي أن يُعلمَ أن هذا السِّحْرَ لم يكن له أثرٌ على الجانب النبويِّ (تبليغ الوحي)، بل كان فيما يتعلَّق ببشرِّيته صلّى الله عليه وسلّم، حيث كان يرى أنه فعلَ الشيءَ، ولم يكن قد فعلَه.
وهاتانِ السورتانِ ـ الفلق والناس ـ تشتركانِ في اسمٍ واحد، وهو المعوِّذتان، ولهما فضائل؛ منها: أنهما معوِّذتان من السحرِ والعينِ، وأنهما تُقرَءان في أذكارِ دُبُرِ الصَّلَوات، وفي أذكارِ الصَباح والمساء، وعند النوم.
١ - قولُه تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾: يُرشِدُ اللَّهُ سبحانه نبيَّه صلّى الله عليه وسلّم أن يستجيرَ به: برُبوبيَّته للصُّبح، والمعنى: أستجيرُ بربِّ الصُّبح (١).
_________
(١) وردَ تفسير الفَلَقِ بالصُّبح عن ابن عباس من طريق العوفي، وجابر بن عبد الله، والحسن من طريق عوف، وسعيد بن جبير من طريق سالم الأفطس، ومحمد بن كعب القرظي من طريق أبي صخر، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق سعيد ومعمر، وابن زيد، وقرأ: ﴿فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً﴾ [الأنعام: ٩٦]، وزاد ابن كثيرٍ نِسبته إلى زيد بن أسْلَم من رواية مالك عنه، والبخاري في صحيحه.
ووردت أقوالٌ أخرى، وهي:
الفَلَق: جُبٌّ في جهنم، ورد عن ابن عباس من رواية مجهول عنه، ونسبه العوَّام بن عبد الجبار الجولاني لبعض الصحابة، وهو قول السدي من طريق سفيان، وكعب الأحبار، وروي في ذلك حديثٌ مرفوعٌ أن الفَلَقَ جُبٌّ في جهنم، قال ابن كثير: «قد ورد في ذلك حديثٌ مرفوعٌ مُنكر»، ثم ذكرَه، ثم قال: «إسناده غريب، ولا يصحُّ رفعه». =