الطامَّة، كان من الإنسان المؤمنِ والكافرِ تذكُّر ما عمله في حياته من خيرٍ وشر (١).
٣٦ - قولُه تعالى: ﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى﴾؛ أي: جيء بجهنم فأُظهرت، ليراها من يُبصر في هذا اليوم، كما ورد في حديث ابن مسعود: يُؤتى بجهنم يومئذ، لها سبعونَ ألفَ زِمام، مع كل زِمامٍ سبعونَ ألفَ مَلَكٍ يجرُّونها (٢).
٣٧ - قولُه تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى﴾: تفصيلٌ في حال الفريقين من أهل السعي من الناس، فبدأ بالذي تجاوزَ الحدَّ في أعماله، وهو المكذِّبُ بالبعثِ؛ لأن السورة في النعي عليه، وإثباتِ ما أنكره.
٣٨ - قولُه تعالى: ﴿وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾؛ أي: قدَّمَ الحياةَ الدنيا بما فيها من الملذَّات الزائلةِ على نعيمِ الآخرة.
٣٩ - قولُه تعالى: ﴿فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَاوَى﴾؛ أي: مآلُ هذا المكذِّبِ بالبعثِ ومسكنُه النارُ التي قد تجحَّمَت من شدَّة الإيقاد.
٤٠ - قولُه تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾، هذا الفريق الثاني، وهو من امتلأ قلبه بالخوف من قيامه أمامَ ربِّه، وكَفَّ نفسَه عن ما ترغَبه من المعاصي (٣).
٤١ - قولُه تعالى: ﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَاوَى﴾ هذا جوابُ أمَّا، والمعنى: أن الجنة هي مرجِعُ ومستقَر من خاف مقام ربه، ونهى النفس عن الهوى.
_________
(١) غَلَبَ استخدامُ لفظ السعي في القرآن على ما يعمله الإنسان من خير أو شر.
(٢) رواه مسلم، وقد ورد هذ المعنى في قوله تعالى: ﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ﴾ [الشعراء: ٩١]، وقوله: ﴿وَجِيىءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾ [الفجر: ٢٣]، ويلاحظ في هذه الأفعال أنها جاءت على صيغة المفعول دلالة على الاهتمام بالحدَث دون فاعلِه، كما يلاحظُ أنَّ الآية ذكرت مجيءَ النار دونَ الجنة؛ لأن المقام مع المكذِّبين بالبعث، فناسب ذلك ذكرها تهديداً، والله أعلم.
(٣) غَلَبَ اسم الهوى على ما هو مذموم.