الطاعة: ﴿لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ (١) [التحريم: ٦].
١٧ - قولُه تعالى: ﴿قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾: هذا دعاءٌ على الإنسانِ الكافر (٢) بالقتل (٣)، لشدَّةِ كُفره بالله (٤)، ومن لازم ذلك لعنُه وطردُه من رحمة الله.
١٨ - قولُه تعالى: ﴿مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾: استفهامٌ على سبيلِ التقريرِ، والمعنى: ما أصلُ خلقِ هذا الإنسان حتى يستغني عن الإيمان بربِّه ويكفُر؟.
١٩ - قولُه تعالى: ﴿مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ﴾: بيَّن اللَّهُ في هذا أصلَ الإنسانِ، وأنَّ منشأَهُ من ماء قليلٍ هو أصلُ هذا التناسلِ البشري، وأنه قدَّره بعد ذلك أطواراً في الخلق، حتى صار جنيناً في بطن أمِّه.
٢٠ - قولُه تعالى: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾؛ أي: ثُمَّ بعدَ هذه الأطوارِ التي عاشَها في بطنِ أمه، سهَّلَ اللَّهُ له الخروجَ من هذا البطن (٥).
_________
(١) قال ابن كثير: «ومن هنا ينبغي لحاملِ القرآنِ أن يكونَ في أفعالِه وأقوالِه على السَّدَادِ والرَّشاد».
(٢) قال مجاهد من طريق الأعمش: «ما كان في القرآن (قُتل الإنسان) أو فُعل بالإنسان، فإنما عنى به الكافر». وقال الطاهر بن عاشور (٣٠: ٣٢٦): «الغالب في إطلاق لفظ الإنسان، في القرآن النازل بمكة؛ كقوله: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى﴾ [العلق: ٦]، ﴿أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ﴾ [القيامة: ٣]...».
(٣) عبَّر المفسِّرون عن معنى «قُتِلَ»: لُعِنَ، وهو تفسير بالمعنى؛ لأن من دعا عليه الله بالقتل، فقد طرَدَه من رحمته، وهو معنى اللعن. (انظر: تفسير ابن عطية لقوله: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ﴾ [البروج: ٤])، ويَحْسُنُ الوقفُ في هذه الجملة على «الإنسان»، والاستئناف بما بعدها، لبيان المعنى فيهما.
(٤) هذا التفسير على أن «ما» تَعَجُّبِيَّة، وقد جعلها بعض المفسِّرين استفهامية، ويكون تقديرُ الكلامِ: أيُّ شيء جعله يكفر؟، والتعجُّب ـ فيما يظهر ـ أبلغ في هذا المقام، وهو أنسب في بيان شدَّة كفر هذا الكافر، والله أعلم.
ويكون الخلاف من اختلاف التنوع الذي يرجع إلى أكثر من معنى، وسببه: الاشتراك اللغوي، والله أعلم.
(٥) السبيلُ في اللغة: الطريق، وقد اختلف السلف في المراد بهذا السبيلِ في الآية، على قولين: =


الصفحة التالية
Icon