نفسه محال وقيل كما يجب تنزيه ذاته سبحانه وتعالى عن النقص فكذلك يجب تنزيه أسمائه وكون الاسم غير التسمية هو أن التسمية عبارة عن تعيين اللفظ المعين لتعريف ذات الشيء، والاسم عبارة عن تلك اللفظة المعينة والفرق ظاهر. واختلفوا في اشتقاق الاسم فقال البصريون من السمو وهو العلو، فاسم الشيء ما علاه حتى ظهر به وعلا عليه، فكأنه علا على معناه وصار علما له. وقال الكوفيون من السمة وهي العلامة فكأنه علامة لمسماه، وحجة البصريين لو كان الاسم اشتقاقه من السمة لكان تصغيره وسيم وجمعه أوسام وأجمعوا على أن تصغيره سمي وجمعه أسماء وأسام (الله) هو اسم علم خاص لله تعالى تفرد به الباري سبحانه وتعالى ليس بمشتق ولا يشركه فيه أحد وهو الصحيح المختار دليله قوله تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا يعني لا يقال لغيره الله، وقيل هو مشتق من أله يأله إلاهة مثل عبد الرجل يعبد عبادة دليله «ويذرك وآلهتك» أي وعبادتك ومعناه المستحق للعبادة دون غيره. وقيل: من الوله وهو الفزع لأن الخلق يولهون إليه أي يفزعون إليه في حوائجهم، قال بعضهم:

ولهت إليكم في بلايا تنوبني فألفتكم فيها كرائم محتد
وقيل أصله أله، يقال: ألهت إلى فلان أي سكنت إليه فكأن الخلق يسكنون إليه ويطمئنون بذكره، وقيل أصله ولاه فأبدلت الواو همزة سمي بذلك لأن كل مخلوق وإله نحوه إما بالتخير أو بالإرادة ومن هذا قيل الله محبوب كل الأشياء يدل عليه، «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» ومن خصائص هذا الاسم أنك إذا حذفت منه شيئا بقي الباقي يدل عليه فإن حذفت الألف بقي الله، وإن حذفت اللام وأثبت الألف بقي إله، وإن حذفتهما بقي له وإن حذفت الألف واللامين معا بقي هو والواو عوض عن الضمة. وذهب بعضهم إلى أن هذا الاسم هو الاسم الأعظم لأنه يدل على الذات وباقي الأسماء تدل على الصفات (الرحمن الرحيم) قال ابن عباس: هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر، قيل: هما بمعنى مثل ندمان ونديم ومعناهما ذو الرحمة وإنما جمع بينهما للتأكيد، وقيل: ذكر أحدهما بعد الآخر تطميعا لقلوب الراغبين إليه، وقيل الرحمن فيه معنى العموم والرحيم فيه معنى الخصوص فالرحمن بمعنى الرزاق في الدنيا وهو على العموم لكافة الخلق المؤمن والكافر والرحيم بمعنى الغفور الكافي للمؤمنين في الآخرة فهو على الخصوص، ولذلك قيل رحمن الدنيا ورحيم الآخرة ورحمة الله إرادة الخير والإحسان لأهله، وقيل هي ترك عقوبة من يستحق العقاب وإسداء الخير والإحسان إلى من لا يستحق فهو على الأول صفة ذات، وعلى الثاني صفة فعل، وقيل الرحمن بكشف الكروب والرحيم بغفر الذنوب، وقيل:
الرحمن بتبيين الطريق، والرحيم بالعصمة والتوفيق.
(فصل: في حكم البسملة) وفيه مسألتان: (الأولى) في كون البسملة الفاتحة وغيرها من السور سوى سورة براءة. اختلف العلماء في ذلك، فذهب الشافعي وجماعة من العلماء إلى أنها آية من الفاتحة ومن كل سورة ذكرت في أولها سوى سورة براءة، وهو قول ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة وسعيد بن جبير وعطاء وابن المبارك وأحمد في إحدى الروايتين عنه وإسحاق، ونقل البيهقي هذا القول عن علي بن أبي طالب والزهري والثوري ومحمد بن كعب. وذهب الأوزاعي ومالك وأبو حنيفة إلى أن البسملة ليست بآية من الفاتحة، زاد أبو داود ولا من غيرها من السور، وإنما هي بعض آية في سورة النمل، وإنما كتبت للفصل والتبرك قال مالك ولا يستفتح بها في الصلاة المفروضة، وللشافعي قول إنها ليست من أوائل السور مع القطع بأنها من الفاتحة. فأما حجة من منع كون البسملة آية من الفاتحة ومن غيرها فحديث أنس المشهور المخرج في الصحيحين وحديث عائشة قالت: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين» قالوا ولأن أول ما نزل به جبريل: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ولم يذكر البسملة في أولها فدلّ على أنها ليست منها قالوا ولأن محل القرآن لا يثبت إلا بالتواتر


الصفحة التالية
Icon