الصحابة منهم أبو هريرة وابن عباس وأنس وعلي بن أبي طالب وسمرة بن جندب وأم سلمة «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم جهر بالبسملة فمنهم من صرح بذلك ومنهم من فهم ذلك من عبارته ولم يرد في صريح الإسرار بها عن النبي صلّى الله عليه وسلّم إلا روايتان إحداهما ضعيفة وهي رواية عبد الله بن مغفل والأخرى عن أنس وهي في الصحيح وهي معللة بما أوجب سقوط الاحتجاج بها، وروى نعيم بن عبد الله المجمر قال: «صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرّحمن الرّحيم ثم قرأ بأم القرآن وذكر الحديث وفيه ثم يقول إذا سلم إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلّى الله عليه وسلّم» أخرجه النسائي وابن خزيمة في صحيحه وقال أما الجهر ببسم الله الرّحمن الرحيم فقد ثبت وصح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وروى الدارقطني بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان إذا قرأ وهو يؤم الناس افتتح ببسم الله الرحمن الرحيم» وذكر الحديث قال الدارقطني إسناده كلهم ثقات وعن ابن عباس قال كان النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم» أخرجه الدارقطني وقال ليس في روايته مجروح وأخرجه الحاكم أبو عبد الله وقال إسناده صحيح وليس له علة وفي رواية عن ابن عباس قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفتتح الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم» أخرجه الدارقطني وقال صحيح ليس في إسناده مجروح وأخرجه الترمذي وقال ليس إسناده بذلك قال الشيخ أبو شامة أي لا يماثل إسناده ما في الصحيح ولكن إذا انضم إلى ما تقدم من الأدلة رجح على ما في الصحيح وعن أنس قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يجهر بالقراءة ببسم الله الرحمن الرحيم» أخرجه الدارقطني وقال إسناده صحيح وفيه عن محمد بن أبي السري العسقلاني قال: صليت خلف المعتمر بن سليمان ما لا أحصى صلاة الصبح والمغرب، فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها، وسمعت المعتمر يقول: ما ألوي أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك:
وقال أنس بن مالك ما ألوي أن أقتدي بصلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخرجه الدارقطني وقال: كلهم ثقات. وأخرجه الحاكم أبو عبد الله وقال: رواة هذا الحديث عن آخرهم كلهم ثقات. قلت وفي الباب أحاديث وأدلة وإيرادات وأجوبة من الجانبين يطول ذكرها وفي هذا القدر كفاية وبالله التوفيق. قوله عز وجل: الْحَمْدُ لِلَّهِ لفظه خبر كأنه سبحانه وتعالى يخبر أن المستحق للحمد هو الله تعالى، ومعناه الأمر أي قولوا الحمد لله وفيه تعليم الخلق كيف يحمدونه والحمد والمدح أخوان، وقيل بينهما فرق وهو أن المدح قد يكون قبل الإحسان وبعده والحمد لا يكون إلا بعد الإحسان، وقيل إن المدح قد يكون منهيا عنه، وأما الحمد فمأمور به، والحمد يكون بمعنى الشكر على النعمة ويكون بمعنى الثناء بجميل الأفعال، تقول: حمدت الرجل على علمه وكرمه والشكر لا يكون إلا على النعمة، فالحمد أعم من الشكر، إذ لا تقول شكرت فلانا على علمه فكل حامد شاكر وليس كل شاكر حامدا، وقيل: الحمد باللسان قولا، والشكر بالأركان فعلا، والحمد ضد الذم واللام في لله لام الاستحقاق كقولك الدار لزيد يعني أنه المستحق للحمد لأنه المحسن المتفضل على كافة الخلق على الإطلاق رَبِّ الْعالَمِينَ الرب بمعنى المالك كما يقال رب الدار ورب الشيء أي مالكه ويكون بمعنى التربية والإصلاح، يقال: رب فلان الضيعة يربها إذا أصلحها فالله تعالى، مالك العالمين ومربيهم ومصلحهم، ولا يقال الرب للمخلوق معرفا بل يقال رب الشيء مضافا. والعالمين جمع عالم لا واحد له من لفظه، وهو اسم لكل موجود سوى الله تعالى فيدخل فيه جميع الخلق. وقال ابن عباس: هم الجن والإنس لأنهم المكلفون بالخطاب وقيل العالم اسم لذوي العلم من الملائكة والجن والإنس ولا يقال للبهائم عالم لأنها لا تعقل. واختلف في مبلغ عددهم فقيل لله ألف عالم ستمائة عالم في البحر وأربعمائة في البر. وقيل ثمانون ألف عالم أربعون ألفا في البر ومثلهم في البحر.
وقيل ثمانية عشر ألف عالم الدنيا منها عالم واحد وما العمران في الخراب إلا كفسطاط في صحراء. الفسطاط الخيمة واشتقاق العالم من العلم وقيل من العلامة، وإنما سمي بذلك لأنه دال على الخالق سبحانه وتعالى الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فالرحمن هو المنعم بما لا يتصور صدور تلك النعمة من العباد، والرحيم هو المنعم بما يتصور صدور تلك النعمة من العباد فلا يقال لغير الله رحمن، ويقال لغيره من العباد رحيم. فإن قلت قد سمي