[سورة النساء (٤): آية ٣٤]
الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (٣٤)الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ نزلت في سعد بن الربيع وكان من النقباء وفي امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير، ويقال امرأته بنت محمد بن مسلمة وذلك أنها نشزت عليه فلطمها فانطلق أبوها معها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال أفرشته كريمتي فلطمها فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لتقتص من زوجها فانصرفت مع أبيها لتقتص منه فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم ارجعوا هذا جبريل أتاني فأنزل الله تعالى هذه الآية فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم أردنا أمرا وأراد الله أمرا والذي أراد الله خير ورفع القصاص فقوله تعالى: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ أي متسلطون على تأديب النساء والأخذ على أيديهن قال ابن عباس: أمروا عليهن فعلى المرأة أن تطيع زوجها في طاعة الله والقوام هو القائم بالمصالح والتدبير والتأديب فالرجل يقوم بأمر المرأة ويجتهد في حفظها ولما أثبت القيام للرجال على النساء بيّن السبب في ذلك فقال تعالى: بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ يعني أن الله تعالى فضل الرجال على النساء بأمور منها زيادة العقل والدين والولاية والشهادة والجهاد والجمعة والجماعات وبالإمامة لأن منهم الأنبياء والخلفاء والأئمة ومنها أن الرجل يتزوج بأربع نسوة ولا يجوز للمرأة غير زوج واحد ومنها زيادة النصيب في الميراث والتعصيب في الميراث وبيده الطلاق والنكاح والرجعة وإليه الانتساب فكل هذا يدل على فضل الرجل على النساء ثم قال تعالى: وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ يعني وبما أعطوا من مهور النساء والنفقة عليهن عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» أخرجه الترمذي فَالصَّالِحاتُ يعني المحسنات العاملات بالخير قانِتاتٌ أي مطيعات لأزواجهن وقيل مطيعات لله حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ لفروجهن في غيبة أزواجهن لئلا يلحق الزوج العار بسبب زناها ويلحق به الولد الذي هو من غيره وقيل معناه حفظ سر زوجها وحفظ ماله وما يجب على المرأة من حفظ متاع البيت في غيبة زوجها عن أبي هريرة قال قيل يا رسول الله أي النساء خير قال التي تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره أخرجه النسائي ورواه البغوي بسند الثعلبي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها» ثم تلا: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ الآية. وقوله تعالى: بِما حَفِظَ اللَّهُ يعني بما حفظهن الله حين أوصى بهن الأزواج وأمرهم بأداء المهر والنفقة إليهن (ق) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء» وقيل في معنى الآية بما حفظهن الله وعصمهن ووفقهن لحفظ الغيب وقيل بما حفظ الله من حقوقهن على أزواجهن حيث أمرهم بعدل فيهن وإمساكهن بمعروف أو تسريحهن بإحسان وَاللَّاتِي تَخافُونَ أي تعلمون وقيل تظنون نُشُوزَهُنَّ أي شرورهن وأصل النشوز الارتفاع ونشوز المرأة هو بغضها لزوجها ورفع نفسها عن طاعته والتكبر عليه وقيل دلالات النشوز قد تكون بالقول والفعل. فالقول مثل إن كانت تلبيه إذا دعاها وتخضع له خاطبها والفعل مثل إن كانت تقوم له إذا دخل عليها وتسرع إلى أمره إذا أمرها فإذا خالفت هذه الأحوال بأن رفعت صوتها عليه أو لم تجبه إذا دعاها ولم تبادر إلى أمره إذا أمرها دل ذلك على نشوزها على زوجها فَعِظُوهُنَّ يعني إذا ظهر منهن أمارات النشوز فعظوهن بالتخويف بالقول وهو أن يقول لها اتقي الله وخافية فإن لي عليك حقا وارجعي عما أنت عليه، واعلمي أن طاعتي فرض عليك ونحو ذلك فإن أصرت على ذلك هجرها في المضجع وهو قوله تعالى: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ يعني إن لم ينزعن عن ذلك بالقول فاهجروهن في المضاجع. قال ابن عباس: هو أن يوليها ظهره في الفراش ولا يكلمها وقيل هو أن يعتزل عنها إلى فراش آخر وَاضْرِبُوهُنَّ