تضحك الضبع من دماء سليم | إذ رأتها على الحراب تمور |
وضحك الأرنب فوق الصفا | كمثل دم الخوف يوم اللقا |
فإن قلت أي القولين أصح في معنى الضحك قلت إن الله عز وجل حكى عنها أنها ضحكت وكلا القولين محتمل في معنى الضحك فالله أعلم أي ذلك كان وقوله سبحانه وتعالى: فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ يعني: ومن بعد إسحاق يعقوب وهو ولد الولد فبشرت سارة بأنها تعيش حتى ترى ولد ولدها فلما بشرت بالولد صكت وجهها أي ضربت وجهها وهو من صنيع النساء وعادتهن وإنما فعلت ذلك تعجبا.
[سورة هود (١١): الآيات ٧٢ الى ٧٣]
قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣)
قالَتْ يا وَيْلَتى نداء ندبة وأصلها يا ويلتاه وهي كلمة يستعملها الإنسان عند رؤية ما يتعجب منه مثل يا عجباه أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وكانت بنت تسعين سنة في قول ابن إسحاق، وقال مجاهد: كانت بنت تسع وتسعين سنة وَهذا بَعْلِي يعني زوجي والبعل هو المستعلي على غيره ولما كان زوج المرأة مستعليا عليها قائما بأمرها سمي بعلا لذلك شَيْخاً وكان سن إبراهيم يومئذ مائة وعشرين سنة في قول محمد بن إسحاق وقال مجاهد مائة سنة وكان بين الولادة والبشارة سنة إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ لم تنكر قدرة الله سبحانه وتعالى وإنما تعجبت من كون الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة يولد لهما قالُوا يعني قالت الملائكة لسارة أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ معناه لا تعجبي من ذلك فإن الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء فإذا أراد شيئا كان سريعا رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ يعني: بيت إبراهيم عليه السلام وهذا على معنى الدعاء من الملائكة لهم بالخير والبركة وفيه دليل على أن أزواج الرجل من أهل بيته إِنَّهُ حَمِيدٌ يعني: هو المحمود الذي يحمد على أفعاله كلها وهو المستحق لأن يحمد في السراء والضراء والشدة والرخاء فهو محمود على كل حال مَجِيدٌ ومعناه المنيع الذي لا يرام، وقال الخطابي: المجيد الواسع الكرم، وأصل المجد في كلامهم: السعة يقال رجل ماجد إذا كان سخيا كريما واسع العطاء وقيل الماجد هو ذو الشرف والكرم قوله سبحانه وتعالى:
[سورة هود (١١): الآيات ٧٤ الى ٧٧]
فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥) يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦) وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧)
فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ يعني: الفزع والخوف الذي حصل له عند امتناع الملائكة من الأكل وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يعني زال عنه الخوف بسبب البشرى التي جاءته وهي البشارة بالولد يُجادِلُنا فيه إضمار