رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم مني ماله ودمه إلا بحقه وحسابه على الله». فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا أو قال عقالا كانوا يؤدونها إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعها. وقال أنس بن مالك: كرهت الصحابة قتال مانعي الزكاة، وقالوا: هم أهل القبلة، فتقلد أبو بكر سيفه وخرج وحده فلم يجدوا بدّا من الخروج على أثره، فقال ابن مسعود: كرهنا ذلك في الابتداء ثم حمدناه عليه في الانتهاء. وقال أبو بكر بن عياش: سمعت أبا حصين يقول: ما ولد بعد النبيين أفضل من أبي بكر الصديق لقد قام مقام نبي من الأنبياء في قتال أهل الردة وقالت عائشة: توفي رسول الله ﷺ وارتدت العرب واشرأبّ النفاق ونزل بأبي بكر ما لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها وبعث أبو بكر الصديق خالد بن الوليد في جيش كثير إلى بني حنيفة باليمامة وهم قوم مسيلمة الكذاب فأهلك الله مسيلمة على يد وحشي غلام مطعم بن عدي الذي قتل حمزة، فكان وحشي يقول: قتلت خير الناس في الجاهلية وشر الناس في الإسلام أراد بذلك وحشي أنه في حال الجاهلية قتل حمزة وهو خير الناس وفي حال إسلامه قتل مسيلمة الكذاب وهو شر الناس وقال قوم: المراد بقوله تعالى: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ الأشعريون قوم أبي موسى الأشعري، روي عن عياض بن غنم الأشعري قال لما نزلت هذه الآية فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم قوم هذا يعني أبا موسى الأشعري أخرجه الحاكم في المستدرك وقيل هم أهل اليمن (ق) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ «أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا الإيمان يمان والحكمة يمانية».
وقال السدي: نزلت في الأنصار لأنهم هم الذين نصروا رسول الله ﷺ وأعانوه على إظهار الدين. وقيل:
هم أحياء من أهل اليمن ألفان من النخع وخمسة آلاف من أهل كندة وبجيلة وثلاثة آلاف من أخلاط الناس جاهدوا في سبيل الله يوم القادسية في خلافة عمر، وعلى هذا التقدير، تكون هذه الآية إخبارا عن الغيب وقد وقع الخبر على وفقه بحمد الله تعالى فتكون هذه الآية معجزة.
وأما معنى المحبة، فيقال أحببت فلانا بمعنى جعلت قلبي معرضا بأن يحبه والمحبة إرادة ما تراه أو تظنه خيرا. ومحبة الله تعالى العبد، إنعامه عليه وتوفيقه وهدايته إلى طاعته والعمل بما يرضى به عنه وأن يثيبه أحسن الثواب على طاعته وأن يثني عليه ويرضى عنه ومحبة العبد لله عزّ وجل أن يسارع إلى طاعته وابتغاء مرضاته وأن لا يفعل ما يوجب سخطه وعقوبته وأن يتحبب بما يوجب له الزلفى لديه جعلنا الله ممن يحبهم ويحبونه بمنّه وكرمه.
وقوله تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ هذه من صفات الذين اصطفاهم الله تعالى ووصفهم بقوله: يحبهم ويحبونه، يعني أنهم أرقاء رحماء لأهل دينهم وإخوانهم من المؤمنين ولم يرد ذل الهوان بل أراد لين جانبهم لإخوانهم المؤمنين وهم من رقتهم ورحمتهم ولين جانبهم أشداء أقوياء غلظاء على أعدائهم الكافرين.
قال علي بن أبي طالب: أذلة على المؤمنين يعني أهل رقة على أهل دينهم أعزة على الكافرين أهل غلظة على من خالفهم في دينهم. وقال ابن عباس: تراهم كالولد لوالده والعبد لسيده وهم في الغلظة على الكافرين كالسبع على فريسته. وقال ابن الأنباري: أثنى الله على المؤمنين بأنهم يتواضعون للمؤمنين إذا لقوهم ويعنفون الكافرين إذا لقوهم. وقيل: إن الذل بمعنى الشفقة والرحمة كأنه قال راحمين للمؤمنين مشفقين عليهم على وجه التذلل والتواضع وإنما أتى بلفظة على حتى يدل على علو منصبهم وفضلهم وشرفهم لا لأجل كونهم ذليلين في أنفسهم بل ذلك التذلل لأجل أنهم ضموا إلى علو منصبهم فضيلة التواضع ويدل على صحة هذا سياق الآية وهو