فهو حرام وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ يعني وحرم عليكم الاستقسام بالأزلام وهو طلب القسم والحكم من الأزلام وهي القداح وكانت أزلامهم سبع قداح مستوية مكتوب على واحد منها أمرني ربي وعلى واحد نهاني وعلى واحد منكم وعلى واحد من غيركم وعلى واحد ملصق وعلى واحد العقل وعلى واحد غفل أي ليس عليه شيء. وكانت العرب في الجاهلية، إذا أرادوا سفرا أو تجارة أو نكاحا أو اختلفوا في نسب أو أمر قتيل أو تحمل عقل أو غير ذلك من الأمور العظام جاءوا إلى هبل وكانت أعظم صنم لقريش، بمكة وجاءوا بمائة درهم وأعطوها صاحب القداح حتى يجيلها لهم. فإن خرج أمرني ربي فعلوا ذلك الأمر وإن خرج نهاني ربي ولم يفعلوه وإن أجالوا على نسب فإن خرج منكم كان وسطا فيهم وإن خرج من غيركم كان حلفا فيهم وإن خرج ملصق كان على حاله وإن اختلفوا في العقل وهو الدية فمن خرج عليه قدح العقل تحمله وإن خرج الغفل أجابوا ثانيا حتى يخرج المكتوب عليه فنهاهم الله عن ذلك وحرمه وسماه فسقا. وقيل: الأزلام كعاب فارس والروم التي كانوا يقامرون بها.
وقيل: كانت الأزلام للعرب. والكعاب للعجم وهي: النرد وكلها حرام لا يجوز اللعب بشيء منها.
عن قطن بن قبيصة عن أبيه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: «العيافة والطيرة والطرق من الجبت» أخرجه أبو داود وقال: الطرق الزجر والعيافة الخط. وقيل: العيافة زجر الطير والطرق الضرب بالحصى والجبت كل ما عبد من دون الله عز وجل. وقيل: الجبت الكاهن. وروى البغوي بسند الثعلبي عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله ﷺ «من تكهن أو استقسم بالأزلام أو تطيّر طيرة ترده عن سفره لم ينظر إلى الدرجات العلى يوم القيامة وقوله تعالى: ذلِكُمْ فِسْقٌ يعني ما ذكر من هذه المحرمات في هذه الآية لأن المعنى حرم عليكم تناول كذا وكذا فإنه فسق والفسق ما يخرج من الحلال إلى الحرام وقيل إن الإشارة عائدة على الاستقسام بالأزلام والأول أصح الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ يعني يئسوا أن ترجعوا عن دينكم إلى دينهم كفارا، وذلك أن الكفار كانوا يطمعون في أن يعود المسلمون إلى دينهم، فلما قوي الإسلام، أيسوا من ذلك وذلك هو اليوم الذي دخل فيه رسول الله ﷺ مكة عام حجة الوداع فعند ذلك يئس الكفار من بطلان دين الإسلام. وقيل: إن ذلك هو يوم عرفة فنزلت هذه الآية والنبي ﷺ واقف بعرفة.
وقيل: لم يرد يوما بعينه وإنما المعنى الآن يئس الذين كفروا من دينكم فهو كما تقول: اليوم قد كبرت.
تريد: الآن قد كبرت. وتقول: فلان كان يزورنا وهو اليوم يجفونا ولم ترد يوما بعينه. يعني: وهو الآن يجفونا ولم تقصد به اليوم قال الشاعر:
أراد فزمان علينا وزمان لنا ولم يقصد اليوم واحد معين فَلا تَخْشَوْهُمْ فلا تخافوا الكفار أيها المؤمنون الذين آمنوا أن يظهروا على دينكم فقد زال الخوف عنكم بإظهار دينكم وَاخْشَوْنِ أي وخافوا مخالفة أمري وأخلصوا الخشية لي.فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسرّ
قوله عز وجل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ نزلت هذه الآية في يوم الجمعة بعد العصر في يوم عرفة والنبي ﷺ واقف بعرفات على ناقته العضباء فكادت عضد الناقة تندق وبركت لثقل الوحي وذلك في حجة الوداع سنة عشر من الهجرة (ق).
عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا نزلت معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال: فأي آية؟ قال: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا» فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه والمكان الذي نزلت فيه نزلت على رسول الله ﷺ بعرفات في يوم الجمعة أشار عمر إلى ذلك اليوم يوم عيد لنا. وعن ابن عباس