أيضا وعن معاوية ونحوه والصحيح ما عليه جمهور العلماء من السلف والخلف والله أعلم قوله صلّى الله عليه وسلّم أتيت بالبراق هو اسم للدابة التي ركبها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة أسري به واشتقاقه من البرق لسرعته، أو لشدة صفائه وبياضه ولمعانه وتلألؤه ونوره والحلقة بإسكان اللام، ويجوز فتحها والمراد بربط البراق بالحلقة الأخذ بالاحتياط في الأمور وتعاطي الأسباب، وإن ذلك لا يقدح في التوكل إذا كان الاعتماد على الله تعالى وقوله جاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فيه اختصار والتقدير، قال لي اختر فاخترت اللبن وهو قول جبريل اخترت الفطرة يعني فطرة الإسلام، وجعل اللبن علامة للفطرة الصحيحة السليمة لكونه سهلا طيبا سائغا للشاربين وأنه سليم العاقبة، بخلاف الخمر فإنها أم الخبائث وجالبة لأنواع الشر. قوله: ثم عرج بي حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح جبريل فقيل: من أنت قال: جبريل فيه بيان الأدب لمن استأذن وأن يقول: أنا فلان ولا يقول: أنا فإنه مكروه وفيه أن للسماء أبوابا وبوابين وأن عليها حرسا وقول بواب السماء وقد أرسل إليه، وفي الرواية الأخرى وقد بعث إليه معناه للإسراء وصعوده السماء وليس مراده الاستفهام عن أصل البعثة والرسالة، فإن ذلك لا يخفى عليه إلى هذه المدة هذا هو الصحيح في معناه، وقيل غيره وقوله فإذا أنا بآدم وذكر جماعة من الأنبياء فيه استحباب لقاء أهل الفضل والصلاح بالبشر والترحيب والكلام اللين الحسن، وإن كان الزائر أفضل من المزور وفيه جواز مدح الإنسان في وجهه إذا أمن عليه من الإعجاب، وغيره من أسباب الفتنة وقوله فإذا أنا بإبراهيم مسندا ظهره إلى البيت المعمور فيه دليل على جواز الاستناد إلى القبلة، وتحويل ظهره إليها. وقوله ثم ذهب بي إلى السدرة هكذا، وقع في هذه الرواية السدرة بالألف واللام وفي باقي الروايات إلى سدرة المنتهى قال ابن عباس وغيره من المفسرين: سميت بذلك لأن علم الملائكة ينتهي إليها. ولم يجاوزها أحد غير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال ابن مسعود: سميت بذلك لكونها ينتهي إليها ما يهبط من فوقها، وما يصعد من تحتها من أمر الله عز وجل وقوله وإذا ثمرها كالقلال، هو بكسر القاف جمع قلة بضمها، وهي الجرة الكبيرة التي تسع قربتين أو أكثر قوله فرجعت إلى ربي. قال الشيخ محيي الدين النووي: معناه رجعت إلى الموضع الذي ناجيته فيه أولا فناجيته فيه ثانيا وقوله: فلم أزل أرجع بين موسى وبين ربي معناه وبين موضع مناجاة ربي عز وجل. قلت: وأما الكلام على معنى الرؤية وما يتعلق بها فإنه سيأتي إن شاء الله تعالى في تفسير سورة والنجم، عند قوله تعالى ثم دنا فتدلى قوله ففرض الله سبحانه وتعالى على أمتي خمسين صلاة إلى قوله فوضع شطرها وفي الرواية الأخرى فوضع عني عشرا وفي الأخرى خمسا ليس بين هذه الرواية منافاة، لأن المراد بالشطر الجزء وهو الخمس، وليس المراد منه التنصيف، وأما رواية العشر فهي رواية شريك ورواية الخمس رواية ثابت البناني وقتادة، وهما أثبت من شريك فالمراد حط عني خمسا إلى آخره ثم قال: هي خمس وهن خمسون يعني خمسين في الأجر والثواب لأن الحسنة بعشر أمثالها، واحتج العلماء بهذا الحديث على جواز نسخ الشيء قبل فعله وفي أول الحديث أنه شق صدره صلّى الله عليه وسلّم ليلة المعراج، وقد شق أيضا في صغره وهو عند حليمة التي كانت ترضعه، فالمراد بالشق الثاني زيادة التطهير لمن يراد به من الكرامة ليلة المعراج. وقوله: أتيت بطست من ذهب، قد يتوهم متوهم أنه يجوز استعمال إناء الذهب لنا وليس الأمر كذلك لأن هذا الفعل من فعل الملائكة، وهو مباح لهم استعمال الذهب أو يكون هذا
قد كان قبل تحريمه وقوله ممتلئ إيمانا وحكمة فأفرغها في صدري. فان قلت الحكمة والإيمان معان والإفراغ صفة الأجسام، فما معنى ذلك؟ قلت: يحتمل أنه جعل في الطست شيء يحصل به كمال الإيمان والحكمة وزيادتهما، فسمي إيمانا وحكمة لكونه سببا لهما وهذا من أحسن المجاز. وقوله في صفة آدم عليه السلام: فإذا رجل عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة هو جمع سواد، وقد فسره في الحديث بأنه نسم بنيه يعني أرواح بنيه وقد اعترض على هذا، بأن أرواح المؤمنين في السماء وأرواح الكفار تحت الأرض السفلى فكيف تكون في السماء والجواب عنه أنه يحتمل أن أرواح الكفار، تعرض على آدم عليه السلام، وهو في السماء فوافق وقت عرضها