السَّيِّئَةَ
قال ابن عباس: يدفعون بشهادة أن لا إله إلا الله وقيل يدفعون ما سمعوا من أذى المشركين وشتمهم بالصفح والعفو وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ أي في الطاعة وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أي القول القبيح أَعْرَضُوا عَنْهُ وذلك أن المشركين كانوا يسبون مؤمني أهل مكة ويقولون تبا لكم تركتم دينكم فيعرضون عنهم ولا يردون عليهم وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ أي لنا ديننا ولكم دينكم سَلامٌ عَلَيْكُمْ ليس المراد منه سلام التحية ولكن سلام المتاركة والمعنى سلمتم منا لا نعارضكم بالشتم لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ يعني لا نحب دينكم الذي أنتم عليه. وقيل: لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه وهذا قبل أن يؤمر المسلمون بالقتال ثم نسخ ذلك بالقتال.
قوله تعالى إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ أي هدايته وقيل أحببته لقرابته وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وذلك أن الله تعالى يقذف في القلب نور الهداية فينشرح الصدر للإيمان وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ أي بمن قدر له الهدى (م) عن أبي هريرة قال «إنك لا تهدي من أحببت، نزلت في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حيث راود عمه أبا طالب على الإسلام وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لأبي طالب عند الموت: «يا عم قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة قال لولا أن تعيرني قريش يقولون إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك» ثم أنشد:
ولقد علمت بأن دين محمد | من خير أديان البرية دينا |
لولا الملامة أو حذار مسبة | لوجدتني سمحا بذاك مبينا |
قوله عز وجل وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها أي تتمتعون بها أيام حياتكم ثم هي إلى فناء وانقضاء وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لأن منافع الآخرة خالصة عن الشوائب وهي دائما غير منقطعة ومنافع الدنيا كالذرة بالقياس إلى البحر العظيم أَفَلا تَعْقِلُونَ أي أن الباقي خير من الفاني وقيل من لم يرجح الآخرة على الدنيا فليس بعاقل. ولهذا قال الشافعي: من أوصى بثلث ماله لأعقل الناس صرف ذلك الثلث إلى المشتغلين بطاعة الله لأن أعقل الناس من أعطي القليل وأخذ الكثير وما هم إلا المشتغلون بطاعة الله تعالى أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً يعني الجنة فَهُوَ لاقِيهِ أي مصيبه وصائر إليه كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا أي وتزول عنه عن قريب ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ أي في النار، قيل هذا في المؤمن والكافر وقيل نزلت في