على الإيمان وقيل نزلت في عكرمة بن أبي جهل وذلك أنه هرب عام الفتح إلى البحر فجاءهم ريح عاصف فقال عكرمة: لئن أنجانا الله من هذا لأرجعن إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم ولأضعن يده في يدي فسكت الريح ورجع عكرمة إلى مكة وأسلم وحسن إسلامه ومنهم من لم يوف بما عاهد وهو المراد بقوله وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ يعني غدار كَفُورٍ يعني جحود لأنعمنا عليه. قوله تعالى:
[سورة لقمان (٣١): الآيات ٣٣ الى ٣٤]
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٣٣) إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ يعني خافوا ربكم وَاخْشَوْا يعني وخافوا يَوْماً لا يَجْزِي يعني لا يقضي ولا يغني والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً قيل معنى الآية إن الله ذكر شخصين في غاية الشفقة والمحبة وهما الوالد والولد فنبه بالأعلى على الأدنى وبالأدنى على الأعلى فالوالد يجزي عن ولده لكمال شفقته عليه والولد يجزي عن والده لما له من حق التربية وغيرها فإذا كان يوم القيامة فكل إنسان يقول نفسي ولا يهتم بقريب ولا بعيد كما قال ابن عباس كل امرئ تهمه نفسه إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ
قيل إنه تحقيق اليوم معناه اخشوا يوما هذا شأنه وهو كائن بوعد الله به ووعده حق وقيل الآية تحقيق بعدم الجزاء يعني لا يجزي والد عن ولده في ذلك اليوم والقول الأول أحسن وأظهر فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا يعني لأنها فانية وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ يعني الشيطان. قال سعيد بن جبير يعمل بالمعاصي ويتمنى المغفرة. قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الآية نزلت في الحارث بن عمرو بن حارثة بن حفصة من أهل البادية أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فسأله عن الساعة ووقتها وقال إن أرضنا أجدبت فقل لي متى ينزل الغيث وتركت امرأتي حبلى فمتى تلد ولقد علمت أين ولدت فبأي أرض أموت فأنزل الله هذه الآية (ق) عن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «مفاتيح الغيب خمس إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير» ومعنى الآية إن الله عنده علم الساعة فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة في أي سنة أو أي شهر أو أي يوم ليلا أو نهارا وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث ليلا أو نهارا إلا الله وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ أذكر أم أنثى أحمر أم أسود تام الخلقة أم ناقص وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً من خير أو شر وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ يعني ليس أحد من الناس يعلم أين مضجعه من الأرض في بر أو بحر في سهل أو جبل إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ يعني بهذه الأشياء وبغيرها خَبِيرٌ أي ببواطن الأشياء كلها ليس علمه محيطا بالظاهر فقط بل علمه محيط بالظاهر والباطن قال ابن عباس: هذه الخمسة لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مصطفى فمن ادعى أنه يعلم شيئا من هذه فإنه كفر بالقرآن لأنه خالفه والله تعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه.