جَلَابِيبِهِنَ
جمع جلباب وهو الملاءة التي تشمل بها المرأة فوق الدرع والخمار، وقيل هو الملحفة وكل ما يستتر به من كساء، وغيره.
قال ابن عباس: أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينا واحدة ليعلم أنهن حرائر وهو قوله تعالى ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ أي لا يتعرض لهن وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً أي لما سلف منهن قال أنس: مرت بعمر بن الخطاب جارية متنقبة فعلاها بالدرة، وقال يا لكاع أتتشبهين بالحرائر ألق القناع. لكاع كلمة تقال لمن يستحقر به مثل العبد والأمة والخامل والقليل العقل مثل قولك يا خسيس. قوله تعالى لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ أي عن نفاقهم وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي فجور وهم الزناة وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ أي بالكذب وذلك أن ناسا منهم كانوا إذا خرجت سرايا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوقعون في الناس أنهم قد قتلوا وهزموا ويقولون: قد أتاكم العدو ونحو هذا من الأراجيف، وقيل: كانوا يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا وتفشوا الأخبار لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ يعني لنحرشنك بهم ولنسلطنك عليهم ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا أي لا يساكنونك في المدينة إلا قليلا أي حتى يخرجوا منها وقيل لنسلطنك عليهم حتى تقتلهم وتخلي منهم المدينة مَلْعُونِينَ أي مطرودين أَيْنَما ثُقِفُوا أي وجدوا وأدركوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا أي الحكم فيهم هذا على الأمر به سُنَّةَ اللَّهِ أي كسنة الله فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ أي في المنافقين والذين فعلوا مثل ما فعل هؤلاء أن يقتلوا حيثما ثقفوا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا قوله عز وجل يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قيل إن المشركين كانوا يسألون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عن وقت قيام الساعة استعجالا على سبيل الهزء وكان اليهود يسألونه عن الساعة امتحانا، لأن الله تعالى عمى عليهم علم وقتها في التوراة فأمر الله تعالى نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يجيبهم بقوله قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ يعني إن الله تعالى قد استأثر به ولم يطلع عليه نبيا ولا ملكا وَما يُدْرِيكَ أي أي شيء يعلمك أمر الساعة ومتى يكون قيامها لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً أي إنها قريبة الوقوع وفيه تهديد للمستعجلين، وإسكات للممتحنين إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ أي تتقلب ظهر البطن حين يسحبون عليها يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا أي في الدنيا وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا يعني رؤوس الكفر الذين لقنوهم الكفر، وزينوه لهم فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا يعني عن سبيل الهدى.
[سورة الأحزاب (٣٣): الآيات ٦٨ الى ٧٢]
رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (٦٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً (٦٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧١) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (٧٢)
رَبَّنا آتِهِمْ يعنون السادة والكبراء ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ يعني ضعفي عذاب غيرهم وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً يعني لعنا متتابعا.
قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا يعني فطهره الله مما قالوه فيه وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً يعني كريما ذا جاه وقد قال ابن عباس كان حظيا عند الله لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه، وقيل كان مستجاب الدعوة وقيل كان محببا مقبولا واختلفوا فيما أوذي به موسى، فروى أبو هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال «كان بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوأة بعض وكان موسى عليه السلام يغتسل،