أنها فاتحة الكتاب، وهذا قول عمر وعلي وابن مسعود وفي رواية عنه وابن عباس، وفي رواية الأكثرين عنه وأبي هريرة والحسن، وسعيد بن جبير وفي رواية عنه ومجاهد وعطاء وقتادة في آخرين. ويدل على صحة هذا التأويل ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «الحمد لله رب العالمين أم القرآن وأم الكتاب، والسبع المثاني» أخرجه أبو داود والترمذي (ق) عن أبي سعيد ابن المعلى قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته» أخرجه البخاري. وفيه زيادة أما السبب في تسمية فاتحة الكتاب بالسبع المثاني، فلأنها سبع آيات بإجماع أهل العلم واختلفوا في سبب تسميتها بالمثاني. فقال ابن عباس والحسن وقتادة: لأنها تثنى في الصلاة تقرأ في كل ركعة. وقيل: لأنها مقسومة بين العبد وبين الله نصفين:
فنصفها الأول ثناء على الله. ونصفها الثاني: دعاء ويدل على صحة هذا التأويل ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال «يقول الله تبارك وتعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين» الحديث مذكور في فضل الفاتحة. وقيل سميت مثاني لأن كلماتها مثناة مثل قوله: «الرحمن الرحيم إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين» فكل هذه ألفاظ مثناة. وقال الحسن بن الفضل: لأنها نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة ومعها سبعون ألف ملك. وقال مجاهد: لأن الله سبحانه وتعالى استثناها وادخرها لهذه الأمة فلم يعطها لغيرهم. وقال أبو زيد البلخي: لأنها تثني أهل الشرك عن الشر من قول العرب ثنيت عناني. وقال ابن الزجاج:
سميت فاتحة الكتاب مثاني لاشتمالها على الثناء على الله تعالى وهو حمد الله وتوحيده، وملكه وإذا ثبت كون الفاتحة هي السبع المثاني دل ذلك على فضلها وشرفها وأنها من أفضل سور القرآن، لأن إفرادها بالذكر في قوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ مع أنها جزء من أجزاء القرآن وإحدى سوره لا بد. وأن يكون لاختصاصها بالشرف، والفضيلة. القول الثاني في تفسير قوله سبعا من المثاني أنها السبع الطوال، وهذا قول ابن عمر وابن مسعود في رواية عنه وابن عباس وفي رواية عنه وسعيد بن جبير وفي رواية عنه السبع الطوال هي سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف. واختلفوا في السابعة فقيل الأنفال مع براءة لأنهما كالسورة الواحدة، ولهذا لم يكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم. وقيل السابعة هي سورة يونس ويدل على صحة هذا القول ما روي عن ثوبان أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله سبحانه وتعالى أعطاني السبع الطوال مكان التوراة وأعطاني المائتين مكان الإنجيل وأعطاني مكان الزبور المثاني، وفضلني ربي بالمفصل» أخرجه البغوي بإسناد الثعلبي قال ابن عباس: إنما سميت السبع الطوال مثاني لأن الفرائض والحدود، والأمثال والخبر والعبر ثنيت فيها، وأورد على هذا القول أن هذه السور الطوال غالبها مدنيات فكيف يمكن تفسير هذه الآية بها، وهي مكية وأجيب عن هذا الإيراد بأن الله سبحانه وتعالى، حكم في سابق علمه بإنزال هذه السورة على النبي صلّى الله عليه وسلّم وإذا كان الأمر كذلك صح أن تفسر هذه الآية بهذه السورة، القول الثالث: أن السبع المثاني هي السور التي هي دون الطوال، وفوق المفصل وهي المئين، وحجة هذا القول الحديث المتقدم وأعطاني مكان الزبور المثاني، والقول الرابع: أن السبع المثاني هي القرآن كله وهذا قول طاوس وحجة هذا القول أن الله سبحانه وتعالى قال «الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني» وسمي القرآن كله مثاني لأن الأخبار والقصص والأمثال ثنيت فيه فإن قلت: كيف يصح عطف القرآن في قوله «والقرآن العظيم» على قوله «سبعا من المثاني» وهل هو إلا عطف الشيء على نفسه؟ قلت: إذا عني بالسبع المثاني فاتحة الكتاب أو السبع الطوال فما وراءهن ينطلق عليه القرآن لأن القرآن اسم يقع على البعض كما يقع على الكل ألا ترى إلى قوله بما أوحينا إليك هذا القرآن يعني سورة يوسف عليه السلام. وإذا عنى بالسبع المثاني القرآن كله كان المعنى ولقد آتيناك سبعا من المثاني، وهي القرآن العظيم وإنما سمي القرآن عظيما، لأنه كلام الله ووحيه أنزله على خير خلقه محمد صلّى الله عليه وسلّم. قوله لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم أي لا تمدن عينيك يا محمد إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً يعني أصنافا مِنْهُمْ يعني من


الصفحة التالية
Icon