يرتفع لهم ضجيج وصياح وفرح وقيل يقولون إن محمدا ما يريد منا إلا أن نعبده ونتخذه إلها كما عبدت النصارى عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام.
[سورة الزخرف (٤٣): الآيات ٥٨ الى ٦١]
وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨) إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)
وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ يعنون محمدا صلّى الله عليه وسلّم فنعبده ونطيعه ونترك آلهتنا وقيل معنى أم هو يعني عيسى والمعنى قالوا يزعم محمد أن كل ما عبد من دون الله في النار فنحن قد رضينا أن تكون آلهتنا مع عيسى وعزير والملائكة في النار قال الله تعالى: ما ضَرَبُوهُ يعني هذا المثل لَكَ إِلَّا جَدَلًا أي خصومة بالباطل وقد علموا أن المراد من قوله إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ هؤلاء الأصنام بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ أي بالباطل. عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب صحيح ثم ذكر عيسى فقال تعالى: إِنْ هُوَ أي ما عيسى إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ أي بالنبوة وَجَعَلْناهُ مَثَلًا أي آية وعبرة لِبَنِي إِسْرائِيلَ يعرفون به قدرة الله على ما يشاء حيث خلقه من غير أب وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ الخطاب لأهل مكة مَلائِكَةً معناه لو نشاء لأهلكناكم ولجعلنا بدلا منكم ملائكة فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ أي يكونون خلفا منكم يعمرون الأرض ويعبدونني ويطيعونني، وقيل يخلف بعضهم بعضا وَإِنَّهُ يعني عيسى لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ يعني نزوله من أشراط الساعة يعلم به قربها (ق). عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عادلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد» وفي رواية أبي داود أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال «ليس بيني وبين عيسى نبي وإنه نازل فيكم فإذا رأيتموه فاعرفوه فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ينزل بين ممصرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويهلك الله تعالى في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ويهلك الدجال ثم يمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون» (ق) عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم وإمامكم منكم» وفي رواية فأمكم منكم قال ابن أبي ذؤيب فأمكم بكتاب ربكم عز وجل وسنة نبيكم صلّى الله عليه وسلّم ويروى أنه ينزل عيسى وبيده حربة وهي التي يقتل بها الدجال، فيأتي بيت المقدس والناس في صلاة العصر فيتأخر الإمام ليقدمه عيسى ويصلي خلفه على شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ويخرب البيع والكنائس ويقتل النصارى إلا من آمن وقيل في معنى الآية وإنه أي وإن القرآن لعلم للساعة أي يعلم قيامها ويخبركم بأحوالها وأهوالها فَلا تَمْتَرُنَّ بِها أي لا تشكن فيها، وقال ابن عباس: لا تكذبوا بها وَاتَّبِعُونِ أي على التوحيد هذا أي الذي أنا عليه صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ.