[سورة الأحقاف (٤٦): آية ١٠]

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ أي أخبروني ماذا تقولون إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يعني القرآن وَكَفَرْتُمْ بِهِ أيها المشركون وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ أي أنه من عند الله فَآمَنَ يعني الشاهد وَاسْتَكْبَرْتُمْ أي عن الإيمان به والمعنى إذا كان الأمر كذلك أليس قد ظلمتم وتعديتم إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ واختلفوا في هذا الشاهد فقيل هو عبد الله بن سلام آمن بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وشهد بصحة نبوته واستكبر اليهود فلم يؤمنوا يدل عليه ما روى عن أنس بن مالك قال: بلغ عبد الله بن سلام مقدم النبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة وهو في أرض يخترف النخل فأتاه وقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام يأكله أهل الجنة ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرني بهن آنفا جبريل قال فقال عبد الله ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له وإذا سبقت كان الشبه لها قال أشهد أنك رسول الله ثم قال يا رسول الله إن اليهود قوم بهت إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني عندك فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أي رجل فيكم عبد الله بن سلام فقالوا أعلمنا وابن أعلمنا وخيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أفرأيتم إن أسلم عبد الله قالوا أعاذه الله من ذلك زاد في رواية فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك فخرج عبد الله إليهم فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقالوا شرنا وابن شرنا ووقعوا فيه» زاد في رواية «فقال يعني عبد الله بن سلام هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله» أخرجه البخاري في صحيحه (ق). «عن سعد بن أبي وقاص قال ما سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول لحي يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام قال وفيه نزلت وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله» قال الراوي لا أدري قال مالك الآية أو في الحديث وقيل الشاهد هو موسى بن عمران عليه السلام قال مسروق في هذه الآية والله ما نزلت في عبد الله بن سلام لأن آل حم نزلت بمكة وإنما أسلم عبد الله بن سلام بالمدينة ونزلت الآية في محاجة كانت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لقومه ومثل القرآن التوراة فشهد موسى على التوراة ومحمد على القرآن وكل يصدق الآخر فيكون المعنى وشهد موسى على التوراة التي هي مثل القرآن إنها من عند الله كما شهد محمد صلّى الله عليه وسلّم على القرآن أنه كلام الله فآمن من آمن بموسى والتوراة واستكبرتم أنتم يا معشر العرب أن تؤمنوا بمحمد والقرآن إن لا يهدي القوم الظالمين. قيل إنه تهديد وهو قائم مقام جواب الشرط المحذوف والتقدير قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به فإنكم لا تكونون مهتدين بل تكونون ضالين.


الصفحة التالية
Icon