كل الثمرات ولهم مغفرة قبل دخولهم إليها، وجواب آخر وهو أن المعنى ولهم مغفرة فيها برفع التكاليف عنهم فيما يأكلون ويشربون بخلاف الدنيا فإن مأكولها يترتب عليه حساب وعقاب ونعيم الجنة لا حساب عليه ولا عقاب فيه قوله تعالى: كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ يعني من هو في هذا النعيم المقيم الدائم كمن هو خالد في النار يتجرع من حميمها وهو قوله وَسُقُوا ماءً حَمِيماً يعني شديد الحر قد استعرت عليه جهنم منذ خلقت، إذا دنا منهم شوى وجوههم، ووقعت فروة رؤوسهم فإذا شربوه فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ يعني فخرجت من أدبارهم والأمعاء جمع معي وهو جميع ما في البطن من الحوايا.
وقال الزجاج: قوله كمن هو خالد في النار راجع إلى ما تقدم كأنه تعالى قال: أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله وهو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم.
عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر ثم يعاد» كما كان أخرجه الترمذي وقال: حديث غريب حسن صحيح.
عن أبي أمامة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «في قوله يسقى من ماء صديد يتجرعه قال: يقرب إلى فيه فيكرهه فإذا دنا منه وجهه ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره. قال الله تعالى: ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ ويقول: وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه» أخرجه الترمذي وقال حديث غريب.
قوله تعالى: وَمِنْهُمْ يعني ومن هؤلاء الكفار مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وهم المنافقون يستمعون قولك فلا يعونه ولا يفهمونه تهاونا به وتغافلا عنه حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ يعني أن هؤلاء المنافقين الذين كانوا عندك يا محمد يستمعون كلامك فإذا خرجوا من عندك قالُوا يعني المنافقين لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ يعني من الصحابة ماذا قالَ آنِفاً يعني ما الذي قال محمد الآن وهو من الائتناف. يقال: ائتنفت الأمر أي ابتدأته قال مقاتل:
وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يخطب ويعيب المنافقين، فإذا خرجوا من المسجد سألوا عبد الله بن مسعود استهزاء ماذا قال محمد صلّى الله عليه وسلّم قال ابن عباس وقد سئلت فيمن سئل أُولئِكَ يعني المنافقين الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ يعني فلم يؤمنوا ولم ينتفعوا بما سمعوا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ يعني في الكفر والنفاق والمعنى أنهم لما تركوا إتباع الحق أمات الله قلوبهم فلم تفهم ولم تعقل فعند ذلك اتبعوا أهواءهم في الباطل وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا يعني المؤمنين لما بين الله أن المنافق يسمع ولا ينتفع بل هو مصر على متابعة الهوى بين حال المؤمن المهتدي الذي ينتفع بما يستمع فقال تعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا يعني بهداية الله إياهم إلى الإيمان زادَهُمْ هُدىً يعني أنهم كلما سمعوا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مما جاء به عن الله عز وجل آمنوا بما سمعوا منه وصدقوه فيزيدهم ذلك هدى مع هدايتهم وإيمانا مع إيمانهم وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ يعني وفقهم للعمل بما أمرهم به وهو التقوى. وقال سعيد بن جبير: آتاهم ثواب تقواهم، وقيل: آتاهم نفس تقواهم، بمعنى أنه تعالى بيّن لهم التقوى.
[سورة محمد (٤٧): الآيات ١٨ الى ١٩]
فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ (١٨) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ (١٩)
قوله عز وجل: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً يعني الكافرين والمنافقين الذين قعدوا عن الإيمان فلم يؤمنوا فالساعة بغتة تفجؤهم وهم على كفرهم ونفاقهم ففيه وعيد وتهديد والمعنى لا ينظرون إلى الساعة والساعة آتية لا محالة وسميت القيامة ساعة لسرعة قيامها.
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «بادروا بالأعمال سبعا فهل تنتظرون إلا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أو