الْأُخْرى أي الخلق الثاني بعد الموت للبعث يوم القيامة.
[سورة النجم (٥٣): الآيات ٤٨ الى ٥٦]
وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (٤٨) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (٤٩) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (٥٠) وَثَمُودَ فَما أَبْقى (٥١) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢)
وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (٥٣) فَغَشَّاها ما غَشَّى (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (٥٥) هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى (٥٦)
وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى أي أغنى الناس بالأموال وأعطى القنية وهي أصول الأموال وما يدخرونه بعد الكفاية. وقيل: أغنى بالذهب والفضة وصنوف الأموال وما يدخرونه بعد الكفاية. وأقنى: بالإبل والبقر والغنم.
وقيل: أقنى أي أخدم.
وقال ابن عباس: أغنى وأقنى، أي أعطى فأرضى. وقيل: أغنى يعني رفع حاجته ولم يتركه محتاجا إلى شيء لأن الغنى ضد الفقر، وأقنى: أي زاد فوق الغنى وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى أي أنه رب معبودهم وكانت خزاعة تعبد الشعرى وأول من سن لهم ذلك الرجل من أشرافهم يقال له أبو كبشة عبدها وقال: لأن النجوم تقطع السماء عرضا والشعرى تقطعها طولا فهي مخالفة لها فعبدها وعبدتها خزاعة فلما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على خلاف العرب في الدين سموه ابن أبي كبشة تشبيها له في خلافه إياهم كما خالفهم أبو كبشة وعبد الشعرى وهو كوكب يضيء خلف الجوازء ويسمى كلب الجبار أيضا وهما اثنتان: يمانية وشامية يقال لإحداهما العبور والأخرى الغميصاء. سميت بذلك لأنها أخفى من العبور والمجرة بينهما. وأراد بالشعرى هنا العبور وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى وهم قوم هود أهلكوا بريح صرصر وكان لهم عقب فكانوا عادا أخرى وقيل: الأخرى إرم. وقيل:
الأولى يعني أول الخلق هلاكا بعد قوم نوح وَثَمُودَ وهم قوم صالح أهلكهم الله بالصيحة فَما أَبْقى يعني منهم أحدا وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ يعني أهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود بالغرق إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى يعني لطول دعوة نوح إياهم وعتوهم على الله بالمعصية والتكذيب وَالْمُؤْتَفِكَةَ يعني قرى قوم لوط أَهْوى أي أسقط وذلك أن جبريل رفعها إلى السماء ثم أهوى بها فَغَشَّاها أي ألبسها الله ما غَشَّى يعني الحجارة المنضودة المسومة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى أي تشكّ أيها الإنسان. وقيل: أراد الوليد بن المغيرة. قال ابن عباس: تتمارى أي تكذب هذا نَذِيرٌ يعني محمدا صلّى الله عليه وسلّم مِنَ النُّذُرِ الْأُولى أي رسول من الرسل المتقدمة أرسل إليكم كما أرسلت الرسل إلى قومهم وقيل: أنذر محمد كما أنذرت الرسل من قبله.
[سورة النجم (٥٣): الآيات ٥٧ الى ٦٢]
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (٦١)
فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أي قربت القيامة واقتربت الساعة لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ أي مظهرة ومبينة متى تقوم. وقيل: معناه ليس لها نفس قادرة على كشفها إذا وقعت إلا الله غير أنه لا يكشفها. وقيل: الكاشفة مصدر بمعنى الكشف كالعافية. والمعنى: لا يكشف عنها ولا يظهرها غيره. وقيل: معناه ليس لها رد يعني: إذا غشيت الخلق أهوالها وشدائدها لم يكشفها ولم يردها عنهم أحد.
قوله تعالى: أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ يعني القرآن تَعْجَبُونَ تنكرون وَتَضْحَكُونَ أي استهزاء وَلا تَبْكُونَ أي مما فيه من الوعيد وَأَنْتُمْ سامِدُونَ أي لاهون غافلون قاله ابن عباس. وعنه، أن السمود هو الغناء بلغة أهل اليمن وكانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا. ولعبوا وأصل السمود في اللغة، رفع الرأس، مأخوذ، من سمد البعير إذا رفع رأسه وجد في سيره والسامد اللاهي والمعنى. وقيل: معناه أشرون بطرون. وقال مجاهد: غضاب