والآخر ليس بعده شيء وقيل هو الأول بوجوده في الأزل وقيل الابتداء والآخر بوجوده في الأبد وبعد الانتهاء والظاهر بالدلائل الدالة على وحدانيته والباطن الذي احتجب عن العقول أن تكيفه، وقيل هو الأول الذي سبق وجوده كل موجود والآخر الذي يبقى بعد كل مفقود وقال الإمام أبو بكر بن الباقلاني معناه أنه تعالى الباقي بصفاته من العلم والقدرة وغيرهما التي كان عليها في الأزل، ويكون كذلك بعد موت الخلائق وذهاب علومهم وقدرهم وحواسهم وتفرق أجسامهم قال وتعلقت المعتزلة بهذا الاسم فاحتجوا لمذهبهم في فناء الأجسام وذهابها بالكلية قالوا معناه أنه الباقي بعد فناء خلقه ومذهب أهل الحق يعني أهل السنة بخلاف ذلك وأن المراد الآخر بصفاته بعد ذهاب صفاتهم كما يقال آخر من بقي من بني فلان فلان يراد حياته ولا يراد فناء أجسام موتاه وذهابها بالكلية هذا آخر كلام ابن الباقلاني، وقيل هو الأول السابق للأشياء والآخر الباقي بعد فناء الأحياء والظاهر بحججه الباهرة وبراهينه النيرة الزاهرة وشواهده الدالة على وحدانيته والباطن الذي احتجب عن أبصار الخلق فلا تستوي عليه الكيفية وقيل هو الأول القديم والآخر الرّحيم والظاهر الحكيم والباطن العليم، وقيل هو الأول ببره إذ عرفك توحيده والآخر بجوده إذ عرفك طريق التوبة عما جنيت والظاهر بتوفيقه إذ وفقك للسجود له والباطن بستره إذا عصيت يستر عليك، وقال الجنيد هو الأول بشرح القلوب والآخر بغفران الذنوب والظاهر بكشف الكروب والباطن بعلم الغيوب وسأل عمر كعبا عن هذه الآية فقال معناها أن علمه بالأول كعلمه بالآخر وعلمه الظاهر كعلمه بالباطن وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (م) عن سهيل بن أبي صالح قال كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع على شقه الأيمن ثم يقول «اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والقرآن أعوذ بك من شرك كل شيء أنت آخذ بناصيته» وفي رواية «من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر» وكان يروى ذلك عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وعن أبي هريرة أيضا قال «بينما النبي صلّى الله عليه وسلّم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتدرون ما هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال هذه العنان هذه روايا الأرض يسوقها الله تعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ثم قال هل تدرون ما فوقكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف ثم قال هل تدرون كم بينكم وبينها؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال بينكم وبينها خمسمائة سنة ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال سماءان بعد ما بينهما خمسمائة سنة حتى عد سبع سموات ما بين كل سماء كما بين السماء والأرض، ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين ثم قال هل تدرون ما الذي تحتكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال
فإنها الأرض ثم قال هل تدرون ما الذي تحت ذلك؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن تحتها أرضا أخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة ثم قال والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السابعة السفلى لهبط على الله ثم قرأ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم» أخرجه الترمذي وقال حديث غريب قال الترمذي قال بعض أهل العلم في تفسير هذا الحديث إنما أراد لهبط على علم الله وقدرته وسلطانه وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه.
العنان اسم للسحاب ومعنى روايا الأرض الحوامل والرقيع اسم للسماء وقيل هو اسم لسماء الدنيا قوله عز وجل: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها تقدم تفسيره وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ أي بالعلم والقدرة فليس ينفك أحد من تعليق علم الله تعالى وقدرته أينما كان من أرض أو سماء برا وبحرا وقيل هو معكم بالحفظ والحراسة.