مساجد المسلمين والكنائس والبيع التي لليهود والنصارى فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً قال قتادة كان اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا بالله فيها فأمر الله عز وجل المؤمنين أن يخلصوا الدعوة لله إذا دخلوا المساجد كلها. وقيل أراد بالمساجد بقاع الأرض كلها لأن الأرض كلها جعلت مسجدا للنبي صلّى الله عليه وسلّم فعلى هذا يكون المعنى فلا تسجدوا على الأرض لغير الله تعالى، قال سعيد بن جبير «قالت الجن للنبي صلّى الله عليه وسلّم كيف لنا أن نشهد معك الصلاة ونحن ناؤون عنك فنزلت وأن المساجد لله» وروي عنه أيضا أن المراد بالمساجد الأعضاء التي يسجد عليها الإنسان وهي سبعة الجبهة واليدان والركبتان والقدمان والمعنى أن هذه الأعضاء التي يقع عليها السجود مخلوقة لله فلا تسجدوا عليها لغيره، (م) عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول «إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه» الآراب الأعضاء، (ق) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال «أمرنا النبي صلّى الله عليه وسلّم أن نسجد على سبعة أعضاء وأن لا نكف شعرا ولا ثوبا: الجبهة واليدين والركبتين والقدمين» وفي رواية أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال «أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء على الجبهة وأشار بيده إلى أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين ولا نكفف الثياب ولا الشعر» كف شعره عقصه وغرز طرفه في أعلى الضفيرة وقد نهي عن ذلك.
قوله عز وجل: وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يعني النبي صلّى الله عليه وسلّم يَدْعُوهُ يعني يعبد الله ويقرأ القرآن وذلك حين كان يصلي الفجر ببطن نخلة كادُوا يعني الجن يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً يعني يركب بعضهم بعضا من الازدحام عليه حرصا على استماع القرآن، قاله ابن عباس. وعنه أيضا أنه من قول النفر من الجن الذين رجعوا إلى قومهم فأخبروهم عن طاعة أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم له واقتدائهم به في الصلاة. وقيل في معنى الآية لما قدم عبد الله بالدعوة تلبدت الإنس والجن وتظاهروا عليه ليبطلوا الحق الذي جاءهم به ويطفئوا نور الله فأبى الله إلا أن يتم نوره ويظهر هذا الأمر وينصره على من ناوأه وعاداه. وأصل البلد الجماعة بعضهم فوق بعض.
[سورة الجن (٧٢): الآيات ٢٠ الى ٢٧]
قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (٢٠) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢) إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (٢٣) حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (٢٤)
قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (٢٥) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (٢٧)
قُلْ يعني النبي صلّى الله عليه وسلّم وقرئ على الأمر إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وذلك أن كفار مكة قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم لقد جئت بأمر عظيم فارجع عنه فنحن نجيرك فقال لهم النبي صلّى الله عليه وسلّم «إنما أدعو ربي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً» أي لا أقدر على أن أدفع عنكم ضرا ولا أسوق إليكم رشدا وإنما الضار والنافع والمرشد والمغوي هو الله تعالى. قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ أي لم يمنعني منه أحد إن عصيته وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً أي ملجأ ألجأ إليه وقيل حرزا أحترز به وقيل مدخلا في الأرض مثل السرب أدخل فيه إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ أي ففيه الجوار والأمن والنجاة. وقيل معناه ذلك الذي يجبرني من عذاب الله يعني التبليغ وقيل إلا بلاغا من الله فذلك الذي أملكه بعون الله وتوفيقه. وقيل معناه لا أملك لكم ضرا ولا رشدا لكن أبلغ بلاغا عن الله عز وجل فإنما أنا مرسل لا أملك إلا ما ملكت، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يعني ولم يؤمن فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ يعني العذاب يوم القيامة فَسَيَعْلَمُونَ أي عند نزول العذاب مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً أهم أم المؤمنون قُلْ إِنْ أَدْرِي أي ما أدري أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ يعني العذاب وقيل يوم القيامة أَمْ يَجْعَلُ لَهُ