أطلعه الله عليه، فلهذا قال: ﴿فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِرًا﴾؛ أي: لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب.
فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف: أن تُستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأن يُنبَّه على الصحيح منها ويبطل الباطل، وتُذكر فائدةُ الخلاف وثمرته لئلا يطول النِّزاع، والخلاف فيما لا فائدة تحته، فيُشتغل به عن الأهم.
فأما من حكى خلافاً في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص، إذ قد يكون الصواب في الذي تركه، أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال، فهو ناقص أيضاً، فإن صحَّحَ غير الصحيح عامداً فقد تعمَّد الكذب، أو جاهلاً فقد أخطأ.
كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته، أو حكى أقوالاً متعددة لفظاً ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى، فقد ضيَّع الزمان وتكثَّر بما ليس بصحيح، فهو كلابس ثَوبَيْ زُورٍ، والله الموفق للصواب» (١).
_________
(١) مقدمة في أصول التفسير، تحقيق: عدنان زرزور (ص: ١٠٠ - ١٠٢).