والذي يظهر لي أن القراءات المتواترة هي قرآن، نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وأن كل ما وافق السبعة من الثلاثة المعشرة هو قرآن، وأن القراءات الشاذة ليست بقرآن، لأن كثيراً منها أشبه بالتفسير. أما المتواترة فهي ما رسم في المصاحف. فالمصحف الذي يقرأ به اليوم في معظم العالم الإسلامي هو قراءة حفص عن عاصم، والمصحف الذي يقرأ به في المغرب، هو قراءة ورش عن نافع، والمصحف الذي يقرأ به في السودان، هو قراءة الدوري عن أبي عمرو. فالقرآن هو القراءة المتواترة ولا فرق. وهناك أدلة من السنة المطهرة، تشير إلى أن القراءات المتواترة هي قرآن - مع أنني أعتقد أن هذه الأحاديث لا تفوت العلامة الزركشي وغيره من العلماء، الذين فرقوا بين القراءة والقرآن، ومن هذه الأحاديث: ما رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى من حديث أبيّ بن كعب _ رضي الله عنه _ أن النبي _ ﷺ _ كان عند أضاة بني غفار، فأتاه جبريل _ عليه السلام _ فقال: (إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين، فقال أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك)، ثم أتاه الثانية، فقال: (إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين)، فقال: (أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك)، ثم أتاه الثالثة، فقال: (إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف)، فقال: (أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك)، ثم جاءه الرابعة فقال: (إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا) (١).

(١) صحيح مسلم بشرح النووي رقم الحديث (١٩٠٣) ٦ / ٣٤٤...


الصفحة التالية
Icon