وأما القاضي عبد الحق بن عطية فاحتج لها - - كذلك - وبين أن سنين بمنزلة سنة: (وقرأ حمزة والكسائي ويحيى وطلحة والأعمش بإضافة (مائة) إلى (سنين) وترك التنوين، وكأنهم جعلوا (سنين) بمنزلة سنة، إذ المعنى بهما واحد. قال أبو علي: إذ هذه الأعداد التي تضاف في المشهور إلى الآحاد نحو ثلثمائة رجل وثوب قد تضاف إلى الجموع) (١). انتهى كلام ابن عطية.
وممن احتج لها الإمام ابن زنجلة، حيث قال: (قال قوم (٢) : ليست هذه القراءة مختارة، لأن العرب إذا أضافت هذا الجنس أفردت، فيقولون: (عندي ثلثمائة دينار)، ولا يقولون (هؤلاء ثلثمائة رجال)، إنما يقولون (ثلثمائة رجل). بل هذه القراءة مختارة. وحجتهما أنهما أتيا بالجمع بعد قوله (ثلثمائة) على الأصل، لأن المعنى في ذلك هو الجمع. وذلك أنك إذا قلت (عندي مئة درهم) فالمعنى مئة من الدراهم. والجمع هو المراد من الكلام، والواحد إنما اكتفي به الجمع. إذا قيل (ثلثمائة سنة وثلثمائة رجل)، لأن الواحد ها هنا يؤدي على معنى الجمع بذكر العدد قبله، فعاملوا الأصل الذي هو مراد المتكلم ولم يكتفيا بالواحد من الجمع) (٣).
هذه هي آراء علماء العربية، من أهل اللغة والنحو والقراءات، فهل بعد هذا البيان من شك في هذه القراءة المتواترة وهل يجوز ردها، أو التشكيك في صحتها؟.
مثال (٦) : قال تعالى: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئاً كبيراً) (٤).
(٢) يعني بالقوم: الفراء ومن وافقه.
(٣) حجة القراءات لعبد الرحمن بن محمد بن زنجلة / ٤١٤
(٤) سورة الإسراء / ٣١