أي لسب السب... والثاني: أنه فعل مستقبل، إلا أن النون أدغمت في الجيم بعد قلبها جيماً، وهذا ضعيف، لأن النون تخفى عند الجيم، ولا تدغم فيها. والثالث: أن أصله ننجي بنونين، الأولى مضمومة، والثانية مفتوحة، فحذفت الثانية كراهة اجتماع المثلين، كما حذفت إحدى التائين من (ولا تفرقوا) (١)، و (تساءلوا) (٢) وشبههما، فبقي (نجي) كما ترى، وهذا أقرب الأوجه (٣).
وبعد هذه الجولة أقول: لقد دافع عن القراء كثير من جهابذة اللغة والنحو والتفسير والقراءات، فردوا على من لحن قراءات متواترة من النحويين، نسوق بعض تلك
الردود:
قال الصفاقسي: (القراءة لا تتبع العربية، بل العربية تتبع القراءة؛ لأنها مسموعة من أفصح العرب بإجماع، وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم) (٤).
وقال الفخر الرازي: (أنا شديد العجب من هؤلاء النحويين، إذا وجد أحدهم بيتاً من الشعر ولو كان قائله مجهولاً، جعله دليلاً على صحة القراءة، وفرح به، ولو جعل صحة القراءة دليلاً على صحته، لكان أولى) (٥).
وقال أبو حيان: (القراءة سنة متبعة، ويوجد فيها الفصيح والأفصح، وكل ذلك من تيسيره تعالى القرآن للذكر) (٦).
(٢) في قوله: تساءلون به والأرحام) سورة النساء / ١
(٣) الفريد في إعراب القرآن المجيد ٣ / ٥٠٠
(٤) غيث النفع / ٤٩، ٥٠
(٥) من دراسات لأسلوب القرآن ١/٢٧
(٦) البحر المحيط /