وإليك تفسير هذه الضوابط:
١- أن توافق القراءة العربية بوجه من الوجوه. والمراد بما وافق العربية بوجه من وجوه اللغة العربية، سواء أكان أفصح أم فصيحاً، مجمعاً عليه أم مختلفاً فيه اختلافاً لا يضرّ مثله، إذا كانت القراءة مما شاع وذاع، وتلقاها الأئمة بالإسناد الصحيح، وهذا هو المختار عند المحققين في ركن موافقة العربية (١).
٢- أن تكون موافقة لإحدى المصاحف العثمانية ولو احتمالاً، كقراءة ابن عامر:
(قالوا اتخذ الله ولداً) في سورة البقرة بغير واو، و (بالزبر وبالكتاب المنير) في سورة (آل عمران) بزيادة الباء في الاسمين، فإن ذلك ثابت في المصحف الشامي. ومثل:
(ملِك يوم الدين) في سورة الفاتحة بغير ألف، فإنه كتب بغير ألف بعد الميم في جميع المصاحف، فقراءة الحذف تحتمله. ويندرج فيه ما وقع الاختلاف في الحركة والسكون، مثل (القدُْس)، وبالتخفيف والتشديد مثل (ينشركم) بيونس، وبالقطع والوصل المعبر عنه بالشكل، مثل (ادخلوا) بغافر، وباختلاف الإعجام مثل (يعلمون)، وبالإعجام والإهمال مثل (ننشزها)، وكذا المختلف في كيفية لفظها، كالمدغم والمسهل والممال والمرقق، فإن المصاحف العثمانية هكذا كلها. ودخل في هذا قراءة ابن كثير في (جنات تجري من تحتها الأنهار) من سورة التوبة، فإنه ثابت بالمصحف الكوفي.
واعلم أن من خالف صريح الرسم في حرف مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك لا يعد مخالفاً، إذا ثبتت القراءة به، ووردت مشهورة. ألا ترى أنهم يعدون إثبات ياءات الزوائد وحذف ياء (تسألني) بالكهف، وقراءة (أكون من الصالحين)، ونحو ذلك، من مخالف الرسم غير مردود، لتمشيه مع صحة القراءة، بخلاف زيادة كلمة ونقصانها. (٢)
(٢) ينظر: النشر في القراءات العشر ١ / ٩، ومناهل العرفان ١ / ٤١٩.